٨٤ - قوله: (فتح مكة) وقع في رمضان سنة ثمان، وسببه أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وقريشًا لما اتفقوا على الصلح في الحديبية دخلت خزاعة مع المسلمين، ودخلت بنو بكر مع قريش، وكانت بين القبيلتين توترات في الجاهلية، فأغارت بنو بكر على خزاعة ليلًا، على ماء الوتير في شعبان سنة ٨ هـ، وقتلت منهم رجالًا، وأعانتهم قريش بالسلاح وببعض الرجال، فأرسلت خزاعة إلى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تخبره بذلك، فخرج رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في رمضان سنة ٨ هـ يريد قريشًا، حتى افتتح مكة (إحدى المجنبتين) بصيغة اسم الفاعل من التجنيب، والمراد بهما جانبًا الجيش وجناحاه، وهما الميمنة والميسرة (على الحسر) بضم فتشديد، جمع حاسر، وهم من ليس لهم سلاح الوقاية من الدرع والمغفر ونحوهما (كتيبة) أي قطعة عظيمة من الجيش (اهتف لي بالأنصار) أي ادعهم، وذلك لثقته بهم، ورفعًا لشأنهم، وإظهارًا لمرتبتهم وجلالتهم (ووبشت قريش أوباشًا) أي جمعت جموعًا من أناس شتى (ثم قال بيديه) أي أشار بهما (إحداهما على الأخرى) يريد اقتلوهم قتلًا إن تعرضوا لكم (توافوني بالصفا) أي تلقوني عليه (فما شاء أحد منا ... إلخ) وذلك لأجل ما داخلهم من رعب شديد وخوف مزيد (أبيحت) من الإباحة، ويراد بها القطع والاستيصال، فهي بمعنى "أبيدت" في الحديث الآتي برقم (٨٦) (خضراء قريش) أي أصلها القوي وجماعتها المجتمعة، ويعبر عنها بالسواد والخضرة، ومنه السواد الأعظم، عبر أبو سفيان بلفظ الماضي عما كان يخشى وقوعه قريبًا، وسبب ذلك أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حين غادر مر الظهران أمر العباس بحبس أبي سفيان عند خطم الجبل، خارج مكة قبل الدخول فيها، فمر به سعد بن عبادة قبله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فتوعده وقال: اليوم يوم الملحمة، اليوم تستحل الحرمة، أو الكعبة، اليوم أذل الله قريشًا، فلما مر به رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أخبره بقول سعد، وقال له هذا، فنزع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الراية من سعد، ودفعها إلى ابنه قيس بن سعد، وقال: بل اليوم يوم تعظم فيه الكعبة، اليوم يوم أعز الله فيه قريشًا. وقد ذكر أبو هريرة في هذا الحديث أشياء من فتح مكة، من غير مراعاة الترتيب فيها (فقالت =