للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَهِيَ أَسَانِيدُ عِنْدَ ذَوِي الْمَعْرِفَةِ بِالْأَخْبَارِ وَالرِّوَايَاتِ مِنْ صِحَاحِ الْأَسَانِيدِ لَا نَعْلَمُهُمْ وَهَّنُوا مِنْهَا شَيْئًا قَطُّ، وَلَا الْتَمَسُوا فِيهَا سَمَاعَ بَعْضِهِمْ مِنْ بَعْضٍ إِذِ السَّمَاعُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مُمْكِنٌ مِنْ صَاحِبِهِ غَيْرُ مُسْتَنْكَرٍ لِكَوْنِهِمْ جَمِيعًا كَانُوا فِي الْعَصْرِ الَّذِي اتَّفَقُوا فِيهِ، وَكَانَ هَذَا الْقَوْلُ الَّذِي أَحْدَثَهُ الْقَائِلُ الَّذِي حَكَيْنَاهُ فِي تَوْهِينِ الْحَدِيثِ بِالْعِلَّةِ الَّتِي وَصَفَ أَقَلَّ مِنْ أَنْ يُعَرَّجَ عَلَيْهِ، وَيُثَارَ ذِكْرُهُ إِذْ كَانَ قَوْلًا مُحْدَثًا وَكَلَامًا خَلْفًا لَمْ يَقُلْهُ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ سَلَفَ، وَيَسْتَنْكِرُهُ مَنْ بَعْدَهُمْ خَلَفَ، فَلَا حَاجَةَ بِنَا فِي رَدِّهِ بِأَكْثَرَ مِمَّا شَرَحْنَا، إِذْ كَانَ قَدْرُ الْمَقَالَةِ وَقَائِلِهَا الْقَدْرَ الَّذِي وَصَفْنَاهُ، وَاللهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى دَفْعِ مَا خَالَفَ مَذْهَبَ الْعُلَمَاءِ، وَعَلَيْهِ التُّكْلَانُ.

كِتَابُ الْإِيمَانِ.

قَالَ أَبُو الْحُسَيْنِ مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ الْقُشَيْرِيُّ رَحِمَهُ اللهُ بِعَوْنِ اللهِ نَبْتَدِئُ، وَإِيَّاهُ نَسْتَكْفِي، وَمَا تَوْفِيقُنَا إِلَّا بِاللهِ جَلَّ جَلَالُهُ.

(٨) حَدَّثَنِي أَبُو خَيْثَمَةَ زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ كَهْمَسٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ، (ح) وَحَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُعَاذٍ الْعَنْبَرِيُّ، وَهَذَا حَدِيثُهُ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا كَهْمَسٌ، عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ قَالَ: «كَانَ أَوَّلَ مَنْ قَالَ فِي الْقَدَرِ بِالْبَصْرَةِ مَعْبَدٌ الْجُهَنِيُّ، فَانْطَلَقْتُ أَنَا وَحُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحِمْيَرِيُّ حَاجَّيْنِ أَوْ مُعْتَمِرَيْنِ، فَقُلْنَا: لَوْ لَقِينَا أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَسَأَلْنَاهُ عَمَّا يَقُولُ هَؤُلَاءِ فِي الْقَدَرِ، فَوُفِّقَ


(١) قوله: (خلفًا) بإسكان اللام أي فاسدًا ساقطًا.
(*) (كتاب الإيمان) الإيمان عند السلف - مالك والشافعي وأحمد بن حنبل وغيرهم من فقهاء المحدثين - هو اعتقاد بالقلب - أي تصديق النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما علم مجيئه به بالضرورة - ونطق باللسان وعمل بالأركان، وبه قالت المعتزلة والخوارج، إلا أن السلف قالوا بفسق مرتكبي الكبيرة، والمعتزلة والخوارج أخرجوه من دائرة الإيمان وقالوا بخلوده في النار، وقد أدخلته الخوارج في الكفر، وأثبتت له المعتزلة منزلة بين الإيمان والكفر، وقالت الحنفية إن الإيمان هو مجرد التصديق، أما الإقرار فمنهم من جعله شرطًا لإجراء الأحكام، ومنهم من جعله ركنا زائدًا، وأما الأعمال فقد أخروها وأخرجوها عن مسمى الإيمان، ولذلك سموا بالمرجئة.
١ - قوله: (أول من قال في القدر) أي تكلم بنفيه وإنكاره، والقدر بفتح الدال وتسكن، هو علم الله تعالى الأشياء قبل كونها، وتقديره وكتابته لها قبل خلقها، و (معبد الجهني) هو معبد بن خالد الجهني نزل محلة جهينة بالبصرة فنسب إليهم، كان يجالس الحسن ثم تكلم في القدر، فسلك أهل البصرة بعده مسلكه لما رأوا عمرو بن عبيد ينتحله، قتله الحجاج صبرا وقوله: (وفق لنا) مبني للمفعول من التوفيق، أي جاء توفيق الله لنا بلقاء عبد الله بن عمر =

<<  <  ج: ص:  >  >>