للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابُ كِتَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى هِرَقْلَ يَدْعُوهُ إِلَى الْإِسْلَامِ

(١٧٧٣) حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ، وَابْنُ أَبِي عُمَرَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، وَعَبْدُ

بْنُ حُمَيْدٍ، (وَاللَّفْظُ لِابْنِ رَافِعٍ)، قَالَ ابْنُ رَافِعٍ، وَابْنُ أَبِي عُمَرَ: حَدَّثَنَا، وَقَالَ الْآخَرَانِ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ أَخْبَرَهُ مِنْ فِيهِ إِلَى فِيهِ قَالَ: «انْطَلَقْتُ فِي الْمُدَّةِ الَّتِي كَانَتْ بَيْنِي وَبَيْنَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: فَبَيْنَا أَنَا بِالشَّأْمِ إِذْ جِيءَ بِكِتَابٍ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى هِرَقْلَ، يَعْنِي عَظِيمَ الرُّومِ، قَالَ: وَكَانَ دِحْيَةُ الْكَلْبِيُّ جَاءَ بِهِ فَدَفَعَهُ إِلَى عَظِيمِ بُصْرَى، فَدَفَعَهُ عَظِيمُ بُصْرَى إِلَى هِرَقْلَ، فَقَالَ هِرَقْلُ: هَلْ هَهُنَا أَحَدٌ مِنْ قَوْمِ هَذَا الرَّجُلِ الَّذِي يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ؟ قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ: فَدُعِيتُ فِي نَفَرٍ مِنْ قُرَيْشٍ فَدَخَلْنَا عَلَى هِرَقْلَ فَأُجْلِسْنَا بَيْنَ يَدَيْهِ، فَقَالَ: أَيُّكُمْ أَقْرَبُ نَسَبًا مِنْ هَذَا الرَّجُلِ الَّذِي يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ؟ فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: فَقُلْتُ: أَنَا، فَأَجْلَسُونِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَجْلَسُوا أَصْحَابِي خَلْفِي، ثُمَّ دَعَا


٧٤ - قوله: (من فيه إلى فيه) أي من فمه إلى فمه، يعني وجهًا لوجه (في المدة التي كانت بيني وبين رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (أي في زمن صلح الحديبية (دحية) بكسر الدال وفتحها، ابن خليفة الكلبي، صحابي مشهور (إلى عظيم بصرى) أي أميرها، وبصرى بضم الباء وسكون الصاد مقصورًا، مدينة معروفة في حدود الشام، كانت قاعدة آل غسان في ذلك الزمان (فقال أبو سفيان: فقلت: أنا) أقرب نسبًا إليه، لأنَّ أبا سفيان كان من ذرية عبد شمس، والنبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من ذرية هاشم، وكان هاشم وعبد شمس أخوين توأمين (ترجمانه) بضم التاء وفتحها، والفتح أفصح، بعدها راء ساكة، ثم جيم مضمومة، هو من يعبر عن لغة بلغة أخرى (أن يؤثر علي الكذب) أي يحكى عني بأني كذبت، وفيه دليل على أنَّ أهل الجاهلية كانوا يرون الكذب قبيحًا، ويعدون نسبته إلى أنفسهم عارًا (قبل أن يقول ما قال) أي قبل ادعائه النبوة (قلت: بل ضعفاؤهم) ليس المراد أن أحدًا من أشرافهم لَمْ يؤمن، بل المراد أن عامة من اتبعه هم الضعفاء، وعامة من أعرض عنه هم الأشراف (سخطة له) أي لدينه، ومعناه أن أحدًا لو ارتد لأمر آخر غير السخطة للدين فإن ذلك لا يقدح في كونه علامة على رسالته (سجالًا) جمل سجل، وهو الدلو المملوء ماء، وهذا مثل يضربه العرب، يعني كما أن الدلو يستقي منه كلّ من يأتيه، تارة هذا وتارة هذا، كذلك الحرب غلب فيها كلّ من الفريقين، تارة هو وتارة نحن (ما هو صانع فيها) أيغدر أم يفي (بشاشة القلوب) أي فرحتها وانبساطها، يريد انشراح الصدر، يعني إذا آمن أحد مع بشاشة القلب وانشراح الصدر فإنه لا يسخطه ولا يرتد عنه، بل يفرح به، ويعاني المصائب والشدائد في سبيله (كذلك الرسل تبتلى) بقوة الأعداء وقهرهم (ثم تكون لهم العاقبة) أي النصر والغلبة أخيرًا بعد الابتلاء (ائتم بقول قيل قبله) أي اقتدى واقتفى (والصلة) أي صلة الرحم والأقارب بفعل الخيرات إليهم (والعفاف) أي الكف عن الحرام وعما لا يحمد من خوارم المروءة (أخلص إليه) أي أصل إليه (ما تحت قدمي) يريد بيت المقدس والشام (بدعاية الإسلام) بكسر الدال، أي بدعوته، وهي كلمة التوحيد، أي أدعوك إلى دين الإسلام، (أسلم تسلم) في الدنيا من الهوان والضلال، وفي الآخرة من العذاب والنكال (أسلم يؤتك الله أجرك مرتين) لأنَّ إسلامه يكون سببًا لإسلام رعيته، ويفتح باب الدين عليهم (الأريسيين) بفتح الهمزة وكسر الراء وبعد السين ياءان أولاهما مشددة، وضبط بعد السين بياء واحدة، وضبط أيضًا بكسر الهمزة وتشديد الراء المكسورة وبياء واحدة بعد السين. والمراد بهم الفلاحون الزراعون =

<<  <  ج: ص:  >  >>