للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(٢٦٥٧) حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ (وَاللَّفْظُ لِإِسْحَاقَ) قَالَا: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «مَا رَأَيْتُ شَيْئًا أَشْبَهَ بِاللَّمَمِ مِمَّا قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إِنَّ اللهَ كَتَبَ عَلَى ابْنِ آدَمَ حَظَّهُ مِنَ الزِّنَا أَدْرَكَ ذَلِكَ لَا مَحَالَةَ، فَزِنَا الْعَيْنَيْنِ النَّظَرُ، وَزِنَا اللِّسَانِ النُّطْقُ، وَالنَّفْسُ تَمَنَّى وَتَشْتَهِي، وَالْفَرْجُ يُصَدِّقُ ذَلِكَ أَوْ يُكَذِّبُهُ» قَالَ عَبْدٌ فِي رِوَايَتِهِ: ابْنُ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ.

(٠٠٠) حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو هِشَامٍ الْمَخْزُومِيُّ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، حَدَّثَنَا سُهَيْلُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «كُتِبَ عَلَى ابْنِ آدَمَ نَصِيبُهُ مِنَ الزِّنَا مُدْرِكٌ ذَلِكَ لَا مَحَالَةَ، فَالْعَيْنَانِ زِنَاهُمَا النَّظَرُ، وَالْأُذُنَانِ زِنَاهُمَا الِاسْتِمَاعُ، وَاللِّسَانُ زِنَاهُ الْكَلَامُ، وَالْيَدُ زِنَاهَا الْبَطْشُ، وَالرِّجْلُ زِنَاهَا الْخُطَا، وَالْقَلْبُ يَهْوَى وَيَتَمَنَّى، وَيُصَدِّقُ ذَلِكَ الْفَرْجُ وَيُكَذِّبُهُ.»

بَابُ مَعْنَى كُلِّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ، وَحُكْمِ مَوْتِ أَطْفَالِ الْكُفَّارِ وَأَطْفَالِ الْمُسْلِمِينَ

(٢٦٥٨) حَدَّثَنَا حَاجِبُ بْنُ الْوَلِيدِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ، عَنِ الزُّبَيْدِيِّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا مِنْ مَوْلُودٍ إِلَّا يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ، فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ وَيُنَصِّرَانِهِ وَيُمَجِّسَانِهِ، كَمَا تُنْتَجُ الْبَهِيمَةُ بَهِيمَةً جَمْعَاءَ هَلْ تُحِسُّونَ فِيهَا مِنْ جَدْعَاءَ؟ ثُمَّ يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ: وَاقْرَؤُوا إِنْ شِئْتُمْ: {فِطْرَتَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا


٢٠ - قوله: (أشبه باللمم) الوارد في قوله تعالى: {الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ} [النجم: ٣٢] واللمم بفتحتين: صغائر الذنوب، ومعنى الآية أن من اجتنب الكبائر يغفر الله له الصغائر، وفي الحديث بيان عامة ما يقع من الصغائر فجعلها أشبه شيء باللمم (كتب على ابن آدم) أي قدر له (حظه) نصيبه (من الزنى أدرك ذلك لا محالة) أي لابد أن يصيب ذلك، ومحالة بفتح الميم ويضم، أي لا احتيال منه، فهو واقع البتة (وزنى اللسان النطق) كالتعرض والدعوة والمواعدة لفعل الزنا (والنفس) أي القلب (تمنى) أصله تتمنى (وتشتهي) التعبير بالفعل لإفادة التجدد، أي زنى النفس تمنيها واشتهاؤها الزنى الحقيقي (والفرج يصدق ذلك) أي عمل الفرج يصدق ما سبق من النظر والنطق والتمني والاشتهاء بأن يقع في الزنا بالوطء (أويكذبه) بأن يمتنع من ذلك خوفًا من ربه. سمي هذه الأشياء باسم الزنا لأنها من دواعيه، فهو من إطلاق المسبب على السبب.
٢٢ - قوله: (إلا يولد على الفطرة) الفطرة: الطبيعية التي جبل عليها الإنسان بحيث إذا خلا ونفسه لا يختار إلا إياها، ولذلك فسروها بالإسلام، لأنه هو عين ما تقتضيه الفطرة، وفي حديث عياض بن حمار من الحديث القدسي: "إني خلقت عبادي حنفاء كلهم فاجتالتهم الشياطين عن دينهم". الحديث. وقيل: الفطرة ما خلق الله عليه من الهيئة مستعدة لمعرفة الخالق، ومتهيأة لقبول الدين، ومتمكنة من الهدى، ومتأهلة لقبول الحق والتمييز بين حسن الأمر وقبيحه، فلو ترك المولود على ما فطر عليه لاستمر على لزومه، ولم يفارقه إلى غيره، ولم يختر غير هذا الدين (يهودانه ... إلخ) الأفعال الثلاثة من باب التفعيل، أي يعلمانه اليهودية والنصرانية والمجوسية (تنتج) مبني للمجهول وبمعنى المعروف، أي تلد (بهيمة جمعاء) أي سليمة، كاملة الأعضاء، لا نقص فيها (جدعاء) أي مقطوعة الأذن أو غيرها من الأعضاء، يعني أنها تولد سليمة الأعضاء، ثم يحصل فيها النقص من الجدع وغيره لأجل تصرف الإنسان، كذلك=

<<  <  ج: ص:  >  >>