للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يَحْمِلُنِي إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، اشْهَدْ أَنِّي قَدْ نَحَلْتُ النُّعْمَانَ كَذَا وَكَذَا مِنْ مَالِي. فَقَالَ: أَكُلَّ بَنِيكَ قَدْ نَحَلْتَ

مِثْلَ مَا نَحَلْتَ النُّعْمَانَ؟ قَالَ: لَا. قَالَ: فَأَشْهِدْ عَلَى هَذَا غَيْرِي. ثُمَّ قَالَ: أَيَسُرُّكَ أَنْ يَكُونُوا إِلَيْكَ فِي الْبِرِّ سَوَاءً. قَالَ: بَلَى. قَالَ: فَلَا إِذًا.»

(٠٠٠) حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ النَّوْفَلِيُّ، حَدَّثَنَا أَزْهَرُ، حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ: «نَحَلَنِي أَبِي نُحْلًا، ثُمَّ أَتَى بِي إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيُشْهِدَهُ فَقَالَ: أَكُلَّ وَلَدِكَ أَعْطَيْتَهُ هَذَا؟ قَالَ: لَا. قَالَ: أَلَيْسَ تُرِيدُ مِنْهُمُ الْبِرَّ مِثْلَ مَا تُرِيدُ مِنْ ذَا؟ قَالَ: بَلَى. قَالَ: فَإِنِّي لَا أَشْهَدُ». قَالَ ابْنُ عَوْنٍ: فَحَدَّثْتُ بِهِ مُحَمَّدًا فَقَالَ: إِنَّمَا تَحَدَّثْنَا أَنَّهُ قَالَ: قَارِبُوا بَيْنَ أَوْلَادِكُمْ.

(١٦٢٤) حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ يُونُسَ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنَا أَبُو الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: «قَالَتِ امْرَأَةُ بَشِيرٍ: انْحَلِ ابْنِي غُلَامَكَ، وَأَشْهِدْ لِي رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَأَتَى رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: إِنَّ ابْنَةَ فُلَانٍ سَأَلَتْنِي أَنْ أَنْحَلَ ابْنَهَا غُلَامِي، وَقَالَتْ: أَشْهِدْ لِي رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَقَالَ: أَلَهُ إِخْوَةٌ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: أَفَكُلَّهُمْ أَعْطَيْتَ مِثْلَ مَا أَعْطَيْتَهُ؟ قَالَ: لَا. قَالَ: فَلَيْسَ يَصْلُحُ هَذَا، وَإِنِّي لَا أَشْهَدُ إِلَّا عَلَى حَقٍّ.»

بَابُ الْعُمْرَى

(١٦٢٥) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَيُّمَا رَجُلٍ أُعْمِرَ عُمْرَى لَهُ وَلِعَقِبِهِ، فَإِنَّهَا لِلَّذِي أُعْطِيَهَا، لَا تَرْجِعُ إِلَى الَّذِي أَعْطَاهَا لِأَنَّهُ أَعْطَى عَطَاءً وَقَعَتْ فِيهِ الْمَوَارِيثُ».


= تمسك به الجمهور على جواز الهبة بغير التسوية. قالوا: لأنه إذن بالإشهاد على ذلك، قلت: هذا خطأ واضح، وكيف يتصور من النبي - صلى الله عليه وسلم - أو من أي أحد أن يأمر أو يأذن بالإشهاد مع أمره برد تلك الهبة وإرجاعها، وماذا يبقى بعد ردها حتى يشهد عليه أحد؟ ثم من يشهد من الصحابة على ما امتنع عن الشهادة عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لكونه جورًا وغير حق، إن هذا خبط في فهم معنى النصوص لهوى في المذاهب، والصحيح أنه - صلى الله عليه وسلم - قال ذلك على سبيل التوبيخ والتشديد، لا على سبيل الإذن في غير الحق. فإن هذا لا يتصور منه.
١٨ - قوله: (نحلني أبي نحلًا) بضم النون وسكون الحاء، أي أعطاني عطية، والنحل والنحلة: العطية بغير عوض (قاربوا بين أبنائكم) أي سووا بينهم في أصل العطاء وقدره.
٢٠ - قوله: (أعمر عمرى) بضم العين وسكون الميم مع القصر، على وزن حبلى، وهي مأخوذة من العمر، وهو الحياة، والأصل في العمرى أن الرجل كان في الجاهلية يعطي داره لرجل، ويقول: أعمرتك هذه الدار. أي أبحتها لك أن تسكنها مدة عمرك وحياتك، فقيل لها عمرى لذلك (ولعقبه) بفتح العين وكسر القاف، ويجوز إسكانها مع فتح العين وكسرها، وهم أولاد الإنسان ما تناسلوا، وليعلم أن العمرى ثلاثة أقسام: الأول، مؤبدة، وهي أن يقول: أعمرتك داري للأبد، أو يقول هي لك ولعقبك - أي أولادك، وهي المذكورة في هذا الحديث - فهي تمليك وهبة ولا ترجع إلى الأول بحال. الثاني مقيدة، وهي أن يقول: هي لك ما عشت، فإذا مت رجعت إلي، فهي ليست بهبة ولا تمليك، وإنما هي عارية مؤقتة، ترجع إلى الأول بعد مضي وقتها، وقيل: إن العمرى لا تصح مع هذا الشرط، وقيل: تصح ولكن يفسد الشرط، ولا ترجع إلى الأول، وهذان القولان مرجوحان. الثالث مطلقة، وهي أن يقول: أعمرتك داري، ولا يقيده بالتأبيد، ولا بقوله: "ما عشت" فالجمهور على أن هذه أيضًا لتمليك الرقبة، ولا ترجع إلى الأول =

<<  <  ج: ص:  >  >>