للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَيْهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ، فَيُوضَعُ عَلَى حَلَمَةِ ثَدْيِ أَحَدِهِمْ، حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ نُغْضِ كَتِفَيْهِ، وَيُوضَعُ عَلَى نُغْضِ كَتِفَيْهِ

حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ حَلَمَةِ ثَدْيَيْهِ يَتَزَلْزَلُ، قَالَ: فَوَضَعَ الْقَوْمُ رُءُوسَهُمْ، فَمَا رَأَيْتُ أَحَدًا مِنْهُمْ رَجَعَ إِلَيْهِ شَيْئًا، قَالَ: فَأَدْبَرَ، وَاتَّبَعْتُهُ حَتَّى جَلَسَ إِلَى سَارِيَةٍ، فَقُلْتُ: مَا رَأَيْتُ هَؤُلَاءِ إِلَّا كَرِهُوا مَا قُلْتَ لَهُمْ، قَالَ: إِنَّ هَؤُلَاءِ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا إِنَّ خَلِيلِي أَبَا الْقَاسِمِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعَانِي، فَأَجَبْتُهُ، فَقَالَ: أَتَرَى أُحُدًا فَنَظَرْتُ مَا عَلَيَّ مِنَ الشَّمْسِ، وَأَنَا أَظُنُّ أَنَّهُ يَبْعَثُنِي فِي حَاجَةٍ لَهُ، فَقُلْتُ: أَرَاهُ، فَقَالَ: مَا يَسُرُّنِي أَنَّ لِي مِثْلَهُ ذَهَبًا أُنْفِقُهُ كُلَّهُ إِلَّا ثَلَاثَةَ دَنَانِيرَ، ثُمَّ هَؤُلَاءِ يَجْمَعُونَ الدُّنْيَا لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا، قَالَ: قُلْتُ: مَا لَكَ، وَلِإِخْوَتِكَ مِنْ قُرَيْشٍ لَا تَعْتَرِيهِمْ وَتُصِيبُ مِنْهُمْ، قَالَ: لَا وَرَبِّكَ لَا أَسْأَلُهُمْ عَنْ دُنْيَا، وَلَا أَسْتَفْتِيهِمْ عَنْ دِينٍ، حَتَّى أَلْحَقَ بِاللهِ وَرَسُولِهِ».

(٠٠٠) وَحَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخَ، حَدَّثَنَا أَبُو الْأَشْهَبِ، حَدَّثَنَا خُلَيْدٌ الْعَصَرِيُّ، عَنِ الْأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ قَالَ: «كُنْتُ فِي نَفَرٍ مِنْ قُرَيْشٍ فَمَرَّ أَبُو ذَرٍّ وَهُوَ يَقُولُ: بَشِّرِ الْكَانِزِينَ بِكَيٍّ فِي ظُهُورِهِمْ، يَخْرُجُ مِنْ جُنُوبِهِمْ، وَبِكَيٍّ مِنْ قِبَلِ أَقْفَائِهِمْ، يَخْرُجُ مِنْ جِبَاهِهِمْ، قَالَ: ثُمَّ تَنَحَّى فَقَعَدَ، قَالَ: قُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قَالُوا: هَذَا أَبُو ذَرٍّ، قَالَ: فَقُمْتُ إِلَيْهِ، فَقُلْتُ: مَا شَيْءٌ سَمِعْتُكَ تَقُولُ قُبَيْلُ، قَالَ: مَا قُلْتُ إِلَّا شَيْئًا قَدْ سَمِعْتُهُ مِنْ نَبِيِّهِمْ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: قُلْتُ: مَا تَقُولُ فِي هَذَا الْعَطَاءِ؟ قَالَ: خُذْهُ فَإِنَّ فِيهِ الْيَوْمَ مَعُونَةً، فَإِذَا كَانَ ثَمَنًا لِدِينِكَ فَدَعْهُ».

بَابُ الْحَثِّ عَلَى النَّفَقَةِ وَتَبْشِيرِ الْمُنْفِقِ بِالْخَلَفِ

(٩٩٣) حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ نُمَيْرٍ قَالَا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: قَالَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى:


= أي لا تأتيهم وتطلب منهم حاجتك (لا أسألهم عن دنيا) وفي رواية البخاري: لا أسالهم دنيا، وهو أحسن، أي لا أسألهم شيئًا من متاعها، وكان مذهب أبي ذر رضي الله عنه أن الكنز كل ما فضل عن حاجة الإنسان، فكان يشدد النكير على من يدخر الأموال ولو أدى زكاته. وقد استدل على ذلك بما جاء في هذا الحديث مما قاله - صلى الله عليه وسلم - له. ولا دليل فيه، لأن الذي أبداه - صلى الله عليه وسلم - من ركبته في إنفاق مثل أحد ذهبًا إنما هو على سبيل التطوع وغاية الكرم والجود، والفرار من متاع الدنيا وزينتها، لا لأجل أنه - صلى الله عليه وسلم - لو أبقى منه شيئًا يزيد عن الحاجة يكون من الكنز الذي ورد الوعيد عليه. والصحيح أن الكنز هو المال الذي لم تؤد زكاته، فأما إذا أديت زكاته فليس بكنز سواء كثر أم قل.
٣٥ - (خليد) بالتصغير (العصري) بفتحتين، نسبة إلى بني عصر (بكي في ظهورهم) الكي اللذغ بالنار بحديدة محماة وأمثالها (من جنوبهم) جمع جنب (أقفائهم) جمع قفا، وهو مؤخر الرأس (قبيل) تصغير قبل، أي قبل قليل. وهو مبني على الضم لانقطاعه عن الإضافة مع كون المضاف إليه منويا (في هذا العطاء) أي الذي قرره الخليفة لنا من بيت المال.
٣٦ - قوله: (أنفق) بفتح الهمزة بصيغة الأمر، وفي إطلاقه حث على الإنفاق من كل أنواع المال، وفي كل وجه الخير (أنفق عليك) بضم الهمزة، مضارع متكلم مجزوم في جواب الأمر، أي أعطيك بدله وأكثر عليك، فهو في معنى قوله تعالى: {وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ} [سبأ: ٣٩] (يمين الله ملآى) أي مليئة بكل خير ونعمة (سحاء) بشديد الحاء ممدودًا، فعلاء من السح، وهو الصب الدائم ونزول المطر على التوالي، يعني يمين الله تسح وتجود بالنعم وتنفقها على عباده متتابعًا متواليًا من غير انقطاع (لا يغيضها شيء) أي لا ينقصها شيء من النفقة، فهي لا تزال مليئة على توالي الإنفاق (الليل والنهار) منصوبان على أنهما ظرف لقوله: سحاء، يعني تجود الليل=

<<  <  ج: ص:  >  >>