للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: فَتِلْكَ أُمُّكُمْ يَا بَنِي مَاءِ السَّمَاءِ».

بَابٌ: مِنْ فَضَائِلِ مُوسَى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

(٣٣٩) حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ قَالَ: هَذَا مَا حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَذَكَرَ أَحَادِيثَ، مِنْهَا: وَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كَانَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ يَغْتَسِلُونَ عُرَاةً يَنْظُرُ بَعْضُهُمْ إِلَى سَوْأَةِ بَعْضٍ، وَكَانَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ يَغْتَسِلُ وَحْدَهُ، فَقَالُوا: وَاللهِ مَا يَمْنَعُ مُوسَى أَنْ يَغْتَسِلَ مَعَنَا إِلَّا أَنَّهُ آدَرُ! قَالَ: فَذَهَبَ مَرَّةً يَغْتَسِلُ فَوَضَعَ ثَوْبَهُ عَلَى حَجَرٍ، فَفَرَّ الْحَجَرُ بِثَوْبِهِ! قَالَ: فَجَمَحَ مُوسَى بِأَثَرِهِ يَقُولُ: ثَوْبِي حَجَرُ! ثَوْبِي حَجَرُ! حَتَّى نَظَرَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ إِلَى سَوْأَةِ مُوسَى، فَقَالُوا: وَاللهِ مَا بِمُوسَى مِنْ بَأْسٍ! فَقَامَ الْحَجَرُ بَعْدُ حَتَّى نُظِرَ إِلَيْهِ، قَالَ: فَأَخَذَ ثَوْبَهُ فَطَفِقَ بِالْحَجَرِ ضَرْبًا، قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ وَاللهِ إِنَّهُ بِالْحَجَرِ نَدَبٌ سِتَّةٌ أَوْ سَبْعَةٌ ضَرْبُ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ بِالْحَجَرِ».

(٠٠٠) وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَبِيبٍ الْحَارِثِيُّ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ الْحَذَّاءُ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ شَقِيقٍ قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ قَالَ: «كَانَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ رَجُلًا حَيِيًّا. قَالَ: فَكَانَ لَا يُرَى مُتَجَرِّدًا. قَالَ: فَقَالَ بَنُو إِسْرَائِيلَ: إِنَّهُ آدَرُ! قَالَ: فَاغْتَسَلَ عِنْدَ مُوَيْهٍ فَوَضَعَ ثَوْبَهُ عَلَى


= إسماعيل عليه السلام. يقال: إن أباها كان من ملوك القبط، وإنها من حفن - بفتح فسكون - من كور أنصنا بالبر الشرقي من صعيد مصر. قال ابن خلدون، وهو يحكي حوارًا دار بين عمرو بن العاص رضي الله عنه وبين أهل مصر، إنهم قالوا له.: إن هاجر كانت امرأة لملك من ملوكنا. ووقعت بيننا وبين أهل عين شمس حروب كانت لهم في بعضها دولة، فقتلوا الملك، وسبوها، ومن هناك تسيرت إلى أبيكم إبراهيم. [تاريخ ابن خلدون ٢/ ٧٧/١] (مهيم؟ ) كلمة استفهام، أي ما الخبر؟ (وأخدم خادمًا) أي وهب لي خادمًا، وهي هاجر، ويقال أيضًا آجر، والخادم يطلق على الذكر والأنثى (فتلك أمكم يا بني ماء السماء) قيل: المراد ببني ماء السماء العرب كلهم، سموا بذلك لكثرة ملازمتهم للفلوات التي بها مواقع القطر، لأجل رعي دوابهم، وفيه تمسك لمن يقول: إن العرب كلهم من بني إسماعيل، وقيل: أراد بماء السماء زمزم، لأن الله أنبعها لهاجر، فعاش ولدها بها، فصاروا كأنهم أولادها، وقيل: سموا بذلك لخلوص نسبهم وصفائه، فأشبه ماء السماء، وقيل: المراد به جد الأنصار - الأوس والخزرج كليهما - عامر بن حارثة بن امرىء القيس بن ثعلبة بن مازن بن أدد، وكان يعرف بماء السماء. وعلى هذا فيه متمسك لمن يقول: إن بني قحطان أيضًا من آل إسماعيل.
١٥٥ - قوله: (يغتسلون عراة) جمع عار، أي بدون ثوب وستر، والظاهر أن ذلك كان جائزًا في شرعهم، وإلا لَمَا أقرهم موسى على ذلك، وكان اغتساله وحده أخذًا بالأفضل (آدر) بالمد وفتح الدال، أي كبير الخصيتين لانتفاخ فيهما (فجمح موسى بأثره) أي جرى وأسرع خلف الحجر (ثوبي، حجر) أي أعطني ثوبي ياحجر، وإنما خاطبه خطاب من يعقل، لأنه ظهر منه فعل العقلاء، وهو الفرار بالثوب، ولذلك ضربه أيضًا (سوأة موسى) أي عورته (حتى نظر إليه) أي حين نظر إلى موسى (ندب) بفتح النون والدال، وهو أثر الضرب.
١٥٦ - قوله: (رجلًا حييًّا) فعيل من الحياء (عند مويه) بضم الميم، تصغير ماء، وأصل الماء موه، والتصغير يرد الكلمات إلى أصولها، أي اغتسل في ماء مجتمع في بركة أو نهر أو نحوهما {كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى} حيث نسبوه إلى عيب قبيح في خلقته.

<<  <  ج: ص:  >  >>