اللقاء مرّة لا يجري في رواياته احتمال أن لا يكون سمع منه؛ لأنه يلزم من جريانه أن يكون مدلسًا، والمسألة مفروضة في غير المدلس.
وأما رجحانه من حيث العدالة والضبط فلأن الرجال الذين تكلم فيهم من رجال مسلم أكثر عددًا من الرجال الذين تكلم فيهم من رجال البخاري، مع أن البخاري لَمْ يكثر من إخراج حديثهم، بل غالبهم من شيوخه الذين أخذ عنهم، ومارس حديثهم، بخلاف مسلم في الأمرين.
وأما رجحانه من حيث عدم الشذوذ والإعلال فلأن ما انتقد على البخاري من الأحاديث أقلّ عددًا مما انتقد على مسلم، هذا مع اتفاق العلماء على أنَّ البخاري كان أجل من مسلم في العلوم، وأعرف بصناعة الحديث منه، وأن مسلمًا تلميذه وخريجه، ولم يزل يستفيد منه، ويتتبع آثاره، حتى قال الدارقطني: لولا البخاري لما راح مسلم ولا جاء" (١).
[رواة صحيح مسلم]
كتاب صحيح مسلم في غاية من الشهرة، متواتر عن مصنفه في الجملة، أخذته عنه طائفة من أهل العلم والفضل لَمْ يعرف عددهم بالضبط، أما من حيث الرواية فقد انحصرت طريقه في بلاد الشرق في رواية أبي إسحاق إبراهيم بن محمد بن سفيان عن مسلم. وكان فقيهًا زاهدًا، مجتهدًا عابدًا، مجاب الدعوة، وكان من الملازمين للإمام مسلم. قال: فرغ لنا مسلم من قراءة الكتاب في شهر رمضان سنة سبع وخمسين ومائتين. قال الحاكم: مات إبراهيم في رجب سنة ثمان وثلاثمائة - رحمه الله -.
وقد روى أهل المغرب صحيح مسلم أيضًا عن أبي محمد أحمد بن علي القلانسي عن مسلم. قال ابن الصلاح: وأما القلانسي فوقعت روايته عند أهل الغرب ولا رواية له عند غيرهم. قال: إلَّا ثلاثة أجزاء من آخر الكتاب، أولها حديث الإفك الطويل، فهي عن أبي سفيان عن مسلم رضي الله عنه (فقط). انتهى ملخصًا.
[مصنفاته الأخرى]
كان الإمام مسلم رحمه الله كثير التأليف، ترك آثارًا علمية مفيدة في جمل من الفنون، عدا كتابه الصحيح. وعدد منها مطبوع. وقد ذكرها الأئمة وأهل العلم حسب ما يلي:
١ - الكتاب المسند الكبير، على الصحابة أو على الرجال. لَمْ يتم.