للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابٌ: فِي طَاعَةِ الْأُمَرَاءِ وَإِنْ مَنَعُوا الْحُقُوقَ

(١٨٤٦) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ وَائِلٍ الْحَضْرَمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: «سَأَلَ سَلَمَةُ بْنُ يَزِيدَ الْجُعْفِيُّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللهِ، أَرَأَيْتَ إِنْ قَامَتْ عَلَيْنَا أُمَرَاءُ يَسْأَلُونَا حَقَّهُمْ وَيَمْنَعُونَا حَقَّنَا، فَمَا تَأْمُرُنَا؟ فَأَعْرَضَ عَنْهُ، ثُمَّ سَأَلَهُ فَأَعْرَضَ عَنْهُ، ثُمَّ سَأَلَهُ فِي الثَّانِيَةِ أَوْ فِي الثَّالِثَةِ فَجَذَبَهُ الْأَشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ وَقَالَ: اسْمَعُوا وَأَطِيعُوا، فَإِنَّمَا عَلَيْهِمْ مَا حُمِّلُوا وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ.»

(٠٠٠) وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا شَبَابَةُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سِمَاكٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ مِثْلَهُ، وَقَالَ: فَجَذَبَهُ الْأَشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اسْمَعُوا وَأَطِيعُوا، فَإِنَّمَا

عَلَيْهِمْ مَا حُمِّلُوا وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ.

بَابُ الْأَمْرِ بِلُزُومِ الْجَمَاعَةِ عِنْدَ ظُهُورِ الْفِتَنِ وَتَحْذِيرِ الدُّعَاةِ إِلَى الْكُفْرِ

(١٨٤٧) حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ، حَدَّثَنِي بُسْرُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ الْحَضْرَمِيُّ: أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ حُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمَانِ يَقُولُ: «كَانَ النَّاسُ يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْخَيْرِ، وَكُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنِ الشَّرِّ مَخَافَةَ أَنْ يُدْرِكَنِي فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّا كُنَّا فِي جَاهِلِيَّةٍ وَشَرٍّ، فَجَاءَنَا اللهُ بِهَذَا الْخَيْرِ فَهَلْ بَعْدَ هَذَا الْخَيْرِ شَرٌّ؟ قَالَ: نَعَمْ. فَقُلْتُ: هَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الشَّرِّ مِنْ خَيْرٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، وَفِيهِ دَخَنٌ.


٤٩ - قوله: (يسألونا حقهم) أي الذي وجب لهم المطالبة به وقبضه، سواء كان يختص بهم أو يعم، وذلك كبذل المال الواجب في الزكاة، وبذل النفس في الخروج إلى الجهاد عند التعيين، والسمع والطاعة في كل ما لا يخالف الشريعة (ويمنعونا حقنا) وهو ما يجب لنا في الغنيمة أو الفيء أو بيت مال المسلمين، وما نستحق أن يقوموا به لنا من العدل والإنصاف ومراعاة المصالح العامة والمعاملة بالسوية ونحو ذلك من حقوق الرعية على الأمراء والحكام (فجذبه الأشعث بن قيس) ليسكته، نظرًا إلى إعراض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعدم إجابته (وقال: اسمعوا) يبدو كأنه يقول: وقال الأشعث بن قيس، ولكنه أراد "وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -" كما هو واضح من الطريق القادم، وإنما جاء بالواو لينبه على أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال له هذا في حين جذبه الأشعث بن قيس (عليهم ما حملوا) أي على الأمراء ما كلفوا به من إقامة العدل وإيصال حقوق الرعية، فإن لم يقوموا به فعليهم الوزر والوبال، ولا تسألون أنتم عن ذلك (وعليكم ما حملتم) أي عليكم ما كلفتم به من السمع والطاعة وأداء الحقوق، فإن قمتم بذلك فلكم الأجر، وإن خنتم في ذلك فعليكم الوزر، ولا يسأل أمراءكم عن ذلك.
٥١ - قوله: (كنا في جاهلية وشر) أشار بالجاهلية إلى ما كانوا عليه من الكفر والشرك والأوهام والخرافات وارتكاب الفواحش والمعاصي، وأشار بالشر إلى ما كانوا عليه من التفكك والاضطراب والتقاتل والتاحر والارتباك والفوضى (فجاءنا الله بهذا الخير) أي الإيمان والإسلام الذي تم به تصحيح العقيدة وتزكية النفس واجتماع كلمة المسلمين وائتلافهم (فهل بعد هذا الخير شر؟ ) أي هل يكون بعد هذا الاجتماع والائتلاف تشتت وافتراق واقتتال فيما بين المسلمين أنفسهم (قال: نعم) وقد حصل هذا بافتراق المسلمين إلى جماعتين: جماعة علي وجماعة معاوية رضي الله عنهما، وبالاقتتال فيما بينهما (هل بعد ذلك الشر من خير؟ ) أي هل تجتمع كلمة المسلمين بعد هذا الافتراق والاقتتال (قال: نعم) وقد حصل ذلك باجتماع كلمة المسلمين على معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه (وفيه دخن) =

<<  <  ج: ص:  >  >>