للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عُتْبَةَ، عَنْ

عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ: «{أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ} قَالَ: نَزَلَتْ فِي نَفَرٍ مِنَ الْعَرَبِ كَانُوا يَعْبُدُونَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ، فَأَسْلَمَ الْجِنِّيُّونَ، وَالْإِنْسُ الَّذِينَ كَانُوا يَعْبُدُونَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ فَنَزَلَتْ: {أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ}

بَابٌ فِي سُورَةِ بَرَاءَةٍ وَالْأَنْفَالِ وَالْحَشْرِ

(٣٠٣١) حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ مُطِيعٍ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: «قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ: سُورَةُ التَّوْبَةِ؟ قَالَ: آلتَّوْبَةُ؟ قَالَ: بَلْ هِيَ الْفَاضِحَةُ، مَا زَالَتْ تَنْزِلُ: وَمِنْهُمْ وَمِنْهُمْ، حَتَّى ظَنُّوا أَنْ لَا يَبْقَى مِنَّا أَحَدٌ إِلَّا ذُكِرَ فِيهَا. قَالَ قُلْتُ: سُورَةُ الْأَنْفَالِ؟ قَالَ: تِلْكَ سُورَةُ بَدْرٍ. قَالَ قُلْتُ: فَالْحَشْرُ؟ قَالَ: نَزَلَتْ فِي بَنِي النَّضِيرِ.»

بَابٌ فِي نُزُولِ تَحْرِيمِ الْخَمْرِ

(٣٠٣٢) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنْ أَبِي حَيَّانَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: «خَطَبَ عُمَرُ عَلَى مِنْبَرِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَحَمِدَ اللهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ، أَلَا وَإِنَّ الْخَمْرَ نَزَلَ تَحْرِيمُهَا يَوْمَ نَزَلَ وَهِيَ مِنْ خَمْسَةِ أَشْيَاءَ: مِنَ الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ وَالتَّمْرِ وَالزَّبِيبِ وَالْعَسَلِ، وَالْخَمْرُ مَا خَامَرَ الْعَقْلَ، وَثَلَاثَةُ أَشْيَاءَ وَدِدْتُ أَيُّهَا النَّاسُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ عَهِدَ إِلَيْنَا فِيهَا: الْجَدُّ وَالْكَلَالَةُ وَأَبْوَابٌ مِنْ أَبْوَابِ الرِّبَا.»


٣١ - قوله: (آلتوبة) بمد الهمزة، للدلالة على وجود همزة الاستفهام (بل هي الفاضحة) تسمى سورة براءة بسورة التوبة لأن الله ذكر فيها توبته على رسوله والمؤمنين، ولا سيما على الثلاثة الذين خلفوا، وتسمى الفاضحة لأن الله ذكر فيها المنافقين بقوله ومنهم من يقول كذا، ومنهم من يفعل كذا، فكأنه سماهم وفضحهم بذلك (تلك سورة بدر) لأن الله أنزلها في قضية غزوة بدر (فالحشر) أي سورة الحشر.
٣٢ - قوله: (خطب عمر) هذا الحديث له حكم الرفع، لأنه خبر صحابي شهد التنزيل، وخطب بحضرة كبار الصحابة فلم ينقل عن أحد منهم الإنكار، وأراد عمر بذلك التنبيه على أن المراد بالخمر في القرآن ليس خاصًّا بالمتخذ من العنب، بل يتناول المتخذ من غيرها، وقد جاء ذلك صريحًا عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقد أخرج أصحاب السنن الأربعة عن الشعبي أن النعمان بن بشير قال: سمعت رسول الله - صلي الله عليه وسلم - يقول: "إن الخمر من العصير والزبيب والتمر والحنطة والشعير والذرة، وإني أنهاكم عن كل مسكر". وروى نحو ذلك أحمد من حديث أنس (والخمر ما خامر العقل) أي غطاه وخالطه فلم يتركه على حاله، وهذا الإطلاق والعموم حقيقة شرعية ولغوية، ولو سلم أنها ليست بحقيقة لغوية فإن الحقيقة الشرعية تقدم على الحقيقة اللغوية (الجد) وهو أحد الثلاثة، والمراد قدر ما يرث الجد إذا مات ابن ابنه، فإن الصحابة اختلفوا في ذلك كثيرًا، وقضى فيه عمر بقضايا مختلفة (والكلالة) بفتح الكاف وتخفيف اللام، وهو الثاني من الثلاثة، والجمهور على أن الكلالة من مات ولم يترك ولدًا ولا والدًا. وقال آخرون: هو من لم يترك ولدًا، سواء ترك الوالد أم لا، أي إن انتفاء الوالد ليس بشرط في الكلالة. ثم اختلف في المراد بانتفاء الولد هل هو انتفاؤه مطلقًا ذكرًا كان أو أنثى، أو انتفاء الابن فقط، وتفرع على ذلك أن الأخت ترث مع البنت أم لا؟ (وأبواب من أبواب الربا) وهذا هو الثالث، وكأنه يشير بذلك إلى ربا الفضل في أشياء لم يرد فيها النص، لأن ربا النسيئة متفق على كونه ربا وحرامًا بين الصحابة.

<<  <  ج: ص:  >  >>