للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فِي مَنْشَطِنَا وَمَكْرَهِنَا، وَعُسْرِنَا وَيُسْرِنَا، وَأَثَرَةٍ عَلَيْنَا، وَأَنْ لَا نُنَازِعَ الْأَمْرَ أَهْلَهُ. قَالَ: إِلَّا أَنْ تَرَوْا كُفْرًا بَوَاحًا عِنْدَكُمْ مِنَ اللهِ فِيهِ بُرْهَانٌ.»

بَابٌ: فِي الْإِمَامِ إِذَا أَمَرَ بِتَقْوَى اللهِ وَعَدَلَ كَانَ لَهُ أَجْرٌ

(١٨٤١) حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا شَبَابَةُ، حَدَّثَنِي وَرْقَاءُ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّمَا الْإِمَامُ جُنَّةٌ، يُقَاتَلُ مِنْ وَرَائِهِ وَيُتَّقَى بِهِ، فَإِنْ أَمَرَ بِتَقْوَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَدَلَ، كَانَ لَهُ بِذَلِكَ أَجْرٌ، وَإِنْ يَأْمُرْ بِغَيْرِهِ، كَانَ عَلَيْهِ مِنْهُ.»

بَابُ الْأَمْرِ بِالْوَفَاءِ بِبَيْعَةِ الْخُلَفَاءِ الْأَوَّلِ فَالْأَوَّلِ

(١٨٤٢) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ فُرَاتٍ الْقَزَّازِ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ قَالَ: «قَاعَدْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ خَمْسَ سِنِينَ فَسَمِعْتُهُ يُحَدِّثُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: كَانَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ تَسُوسُهُمُ الْأَنْبِيَاءُ، كُلَّمَا هَلَكَ نَبِيٌّ خَلَفَهُ نَبِيٌّ، وَإِنَّهُ لَا نَبِيَّ بَعْدِي، وَسَتَكُونُ خُلَفَاءُ فَتَكْثُرُ. قَالُوا: فَمَا تَأْمُرُنَا؟ قَالَ: فُوا بِبَيْعَةِ الْأَوَّلِ فَالْأَوَّلِ، وَأَعْطُوهُمْ حَقَّهُمْ، فَإِنَّ اللهَ سَائِلُهُمْ عَمَّا اسْتَرْعَاهُمْ.»

(٠٠٠) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ بَرَّادٍ الْأَشْعَرِيُّ، قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ


= في رواية حبان أبي النضر - عند ابن حبان وأحمد -: "إلا أن يكون معصية لله بواحًا" وعند أحمد من طريق ابن هانىء عن جنادة "ما لم يأمروك بإثم بواحًا" انتهى، وقال النووي: المراد بالكفر هنا المعصية. ومعنى الحديث لا تنازعوا ولاة الأمور في ولايتهم، ولا تعترضوا عليهم، إلا أن تروا منهم منكرًا محققًا تعلمونه من قواعد الإسلام، فإذا رأيتم ذلك فأنكروا عليهم، وقولوا بالحق حيثما كنتم. انتهى. والظاهر حمل المنازعة على الخروج إذا ارتكب الكفر بأي معنييه، وحملها على الإنكار والانتقاد إذا كانت المعصية أخف من الكفر (عندكم من الله فيه برهان) والبرهان هو نص آية أو خبر صحيح، وذلك مثل ترك الصلاة ومثل الحكم بغير ما أنزل الله. فقد ورد الخبر الصحيح بكفر تارك الصلاة، ونصت الآية على كفر من لم يحكم بما أنزل الله، سواء يحمل الكفر فيهما على الكفر الحقيقي المخرج عن الملة، أو على كفر دون كفر، ويفيد قوله: "عندكم من الله فيه برهان" أن المراد بالكفر المذكور ليس الكفر الذي يكون بالارتداد، وإلا لم يحتج إلى برهان.
٤٣ - من هذا الحديث يبدأ الفوات الثالث الذي لم يسمعه أبو إسحاق إبراهيم بن سفيان عن الإمام مسلم، بل رواه إجازة أو وجادة، ولذلك قال عن مسلم، ويمتد هذا الفائت إلى آخر حديث رقم (٨) وتابعه من كتاب الصيد والذبائح، ثم يبدأ السماع من أول حديث رقم (٩) وهو حديث أبي ثعلبة مرفوعًا "إذا رميت سهمك فغاب عنك فأدركته فكله ما لم ينتن" وليس لأبي إسحاق فائت بعد هذا. (إنما الإمام جُنة) بالضم أي سترة، لأنه يمنع العدو من أذى المسلمين، ويكف أذى بعضهم من بعض، والمراد بالإمام كل قائم بأمور الناس (يقاتل من ورائه) أي تحت رايته، فهو الذي يقود جش الإسلام بنفسه أو بتعيين من ينوبه (ويتقى به) من شر العدو، ومن شر أهل الظلم والفساد، فهو الذي يضبط العباد، وينظم أمور البلاد بإقامة العدل وإزالة العدوان، وفي الحديث بيان ما هو المطلوب من الحكام والولاة وبيان المهمة الأصلية لأعمالهم وتصرفاتهم (كان عليه منه) أي وزر.
٤٤ - قوله: (تسوسهم الأنبياء) من السياسة، وهي القيام على الشيء بما يصلحه، أي إن بني إسرائيل كان إذا ظهر فيهم الفساد بعث الله لهم نبيًّا يقيم لهم أمرهم، ويزيل ما غيروا من أحكام التوراة، وفيه بيان لمهمة الأمراء والحكام وعظم مسئوليتهم، وأن ذلك يرجع إلى حمل الرعية على الطريق الحسنة، وإزالة الفساد، وإنصاف المظلوم من =

<<  <  ج: ص:  >  >>