١٠ - قوله: (من رآني في المنام فقد رآني) معناه أن رؤياه صحيحة وحق، وليست بباطلة، فليست من تشبيهات الشيطان ولا من أضغاث أحلام. وليس معنى الحديث أنه رآى حقيقة النبي - صلى الله عليه وسلم -، إذ قد تقرر أن الذي يُرى في المنام أمثلة للمرئيات لا أنفسها، ومعلوم أن حقيقة النبي - صلى الله عليه وسلم - من ناحية جسده موجودة في قبره الشريف، ومن ناحية روحه موجودة في الرفيق الأعلى، ولا ينتقل الجسد ولا الروح من أماكنهما، فالذي يراه الرائي إنما هو مثال له - صلى الله عليه وسلم - وليس بحقيقته ونفسه (فإن الشيطان لا يتمثل بي) أي لا يتشبه بي، ولا يتكون في صورتي. وقد تمسك طائفة بظاهر هذه الجملة، فقالوا: إنما تكون رؤيته - صلى الله عليه وسلم - في المنام حقًّا إذا رآه على صورته التي كان عليها في حياته. ذكر ذلك البخاري عن ابن سيرين. وروى مثل ذلك الحاكم عن ابن عباس. وقال آخرون: إن رؤيته - صلى الله عليه وسلم - في المنام حق في كل حال. فمن رآه - صلى الله عليه وسلم - على صورته في حياته كانت رؤياه حقًّا بغير تأويل، ومن رآه على غير صورته كانت رؤياه رؤيا تأويل، وذلك مثل رؤيا النبي - صلى الله عليه وسلم - عن غزوة أُحد "بقرًا تذبح" فكان القتل في أصحابه. ومعنى رؤيته على غير صورته أنه دليل على=