للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابُ وُجُوبِ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ، وَأَنَّهُ إِذَا لَمْ يُحْسِنِ الْفَاتِحَةَ وَلَا أَمْكَنَهُ تَعَلُّمَهَا قَرَأَ مَا تَيَسَّرَ لَهُ مِنْ غَيْرِهَا

(٣٩٤) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَمْرٌو النَّاقِدُ وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ جَمِيعًا عَنْ سُفْيَانَ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ:

حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ مَحْمُودِ بْنِ الرَّبِيعِ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ».

(٠٠٠) حَدَّثَنِي أَبُو الطَّاهِرِ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ يُونُسَ (ح) وَحَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ: أَخْبَرَنِي مَحْمُودُ بْنُ الرَّبِيعِ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْتَرِئْ بِأُمِّ الْقُرْآنِ».

(٠٠٠) حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْحُلْوَانِيُّ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ مَحْمُودَ بْنَ الرَّبِيعِ - الَّذِي مَجَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي وَجْهِهِ مِنْ بِئْرِهِمْ - أَخْبَرَهُ أَنَّ عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ، أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِأُمِّ الْقُرْآنِ».

(٠٠٠) وَحَدَّثَنَاهُ إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ قَالَا: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ،


٣٤ - قوله: (لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب) الحديث دليل على أن قراءة الفاتحة في الصلاة ركن من أركانها وفرض من فروضها، وأنه لا تصح صلاة من لم يقرأ بفاتحة الكتاب فيها، وقد روى الدارقطني وابن خزيمة وابن حبان وغيرهم حديث عبادة هذا بإسناد صحيح بلفظ: "لا تجزىء صلاة لا يقرأ فيها بفاتحة الكتاب" وهذه الرواية نص صريح في ركنية الفاتحة لا تحتمل تأويلًا، وإليه ذهب الجمهور، وخالفهم الحنفية، فقالوا بوجوبها دون فرضيتها وركنيتها - حسب اصطلاحهم في الفرق بين الفرض والواجب - وقالوا: إن المراد بالنفي في قوله: "لا صلاة" نفي الكمال، أي لا صلاة كاملة، وهذا تأويل مردود، لأن "لا" هذه إنما تكون لنفي الجنس، فيراد بالنفي في قوله: "لا صلاة" نفي الحقيقة، أي لا وجود للصلاة شرعًا لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب، فالصلاة وإن كانت موجودة شكلًا ولكنها غير موجودة شرعًا، وإن صرفنا النفي عن الحقيقة إلى المجاز - ولا يجوز صرفه إلى المجاز إلا عند تعذر الحقيقة - فإنه يصرف إلى أقرب المجازات إلى الحقيقة، وهو نفي الصحة والإجزاء، وليس نفي الكمال، فيكون المعنى: لا تصح صلاة من لم يقرأ بفاتحة الكتاب ولا تجزئه، ويجب الحمل على هذا المعنى نظرًا لرواية الدارقطني، فإنها صريحة في ذلك، ولا تحتمل صرف النفي إلى الكمال، فيبقى الحديث دليلًا على ركنية فاتحة الكتاب وفرضيتها في الصلاة. ثم إن هذا الحديث بعمومه يشمل كل صلاة فرضا كان أو نفلا، سرية كانت أو جهرية، كما يشمل كل مصل منفردًا كان أو إمامًا أو مقتديًا، وسواء جهر الإمام بالقراءة أو أسر بها، لأن صلاة المقتدى صلاة حقيقة، فتنتفي عند انتفاء قراءته، ولا دليل على تخصيص هذا الحديث بالإمام والمنفرد، لا من كتاب ولا من سنة، وقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يخص إلا بدليل من الكتاب والسنة، ولا يجوز تخصيصه بقول أحد كائنا من كان، بل قد ثبت من طريق آخر عن عبادة بن الصامت نفسه قال: كنا خلف النبي - صلى الله عليه وسلم - في صلاة الفجر فقرأ فثقلت عليه القراءة، فلما فرغ قال: "لعلكم تقرؤون خلف إمامكم؟ " قلنا: نعم يا رسول الله قال: "لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب، فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها" رواه أبو داود والترمذي وبمعناه النسائي، فهذا صريح في فرضية قراءة فاتحة الكتاب على المأموم ولو كانت الصلاة جهرية، فكيف يستثنى المأموم والأمر متوجه إليه؟ أو كيف تستثنى الجهرية والأمر صدر فيها؟ .
٣٧ - قوله: (فصاعدًا) أي فزائدًا على الفاتحة، أي لا صلاة بقراءة ما هو أقل من الفاتحة، بل لا بد من أن يقرأ=

<<  <  ج: ص:  >  >>