٤٥ - قوله: (هو مستقبل المشرق) سيأتي في حديث رقم ٥٠ ما يفيد أن المراد بالمشرق هنا العراق (من حيث يطلع قرن الشيطان) المراد بطلوع قرن الشيطان ظهور فتنته الكبيرة، وقوة استيلائه بأنواع من الإغواء والتضليل في أمور الدنيا والدين، واتباع الناس لهذه الفتن، وخوضهم فيها، وعدم تغلبهم عليها. وقد وقع في العراق كلّ من هذه الأمور بقدر يفوق الوصف، فقد ظهرت من الكوفة بوادر فتنة سياسية في زمن عثمان بن عفان رضي الله عنه، إذ كان فيها تسعة رهط يفسدون في الأرض ولا يصلحون، ثم ظهرت منهم أعمال عدوانية في البصرة حتى فرضت عليهم الإقامة الجبرية، ثم لحقهم ابن سبأ فترأس الفتنة الكبيرة التي أودت بحياة عثمان بن عفان رضي الله عنه، ثم صار من خواص علي، حتى كان يجلس تحت منبره في الكوفة كلّ يوم جمعة، فتمكن من بث السموم في العقيدة بحيث يخرج المرء عن الإسلام، حتى قامت على غرار أفكاره طوائف الشيعة الغلاة التي أفسدت على المسلمين الدنيا والدين، ثم ظهرت الخوارج أيضًا من الكوفة، وقد توالى فسادهم على مد العصور، وظهرت المعتزلة والمرجئة والقدرية والجبرية والإباحية وأصحاب الرأي وغيرها، كلها من هذه الديار، وقد ورد الكوفة ميمون القداح سنة ٢٧٦ هـ واجتمع بهمدان قرمط، فاستباحا الخمور والزنا حتى مع المحرمات مع الغلو في التشيع والعقائد الفاسدة، ونظما الجنود والسرايا، فقتلا ونهبا وهتكا من الأعراض ما لا يعلم إلَّا الله، وقد كانت لهم جولة وصولة بالفتك والقتل والنهب والسلب وهتك الأعراض في ربوع العراق والشام، وفي كثير من بلاد العالم الإسلامي، حتى قلعوا الحجر الأسود من الكعبة المشرفة، وأبقوه عندهم لمدة تزيد على عشرين سنة، وقد بقيت فتنتهم متفاقمة أكثر من نصف قرن، أما قتل الحجاج إياهم فقد زاد فوق الوصف، واستمر إلى أواسط القرن السادس للهجرة، واستمر خروج الشيعة في الكوفة والعراق حتى دبروا للقضاء على الخلافة الإسلامية، فاتصلوا بهولاكو والتتار، وجلبوهم إلى بغداد، وقامت قيامة كبرى صارت ضحيتها أكثر من ستين مليون نسمة، ولم تزل الفتن تتوالى في العراف حتى إلى زماننا هذا حيث قتلت منهم الجنود والمجندة في حرب إيران والخليج وغيرهما في عدد لا يعلمه إلَّا الله، وقد توالت فتنة الخوارج في العراف أيضًا مرّة بعد أُخرى مما هو معلوم في التاريخ. ٤٦ - القيام عند بيت حفصة لا ينافي القيام عند بيت عائشة، فالبيتان كانا متصلين، فلعله قام على حد البيتين =