للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدُ يَخْطُبُ، فَقَالَ: لَا يُحَدِّثَنَّ أَحَدُكُمْ بِتَلَعُّبِ الشَّيْطَانِ بِهِ فِي مَنَامِهِ.»

(٠٠٠) وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَأَبُو سَعِيدٍ الْأَشَجُّ قَالَا: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: «جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، رَأَيْتُ فِي الْمَنَامِ كَأَنَّ رَأْسِي قُطِعَ! قَالَ: فَضَحِكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ: إِذَا لَعِبَ الشَّيْطَانُ بِأَحَدِكُمْ فِي مَنَامِهِ فَلَا يُحَدِّثْ بِهِ النَّاسَ.»

وَفِي رِوَايَةِ أَبِي بَكْرٍ: إِذَا لُعِبَ بِأَحَدِكُمْ - وَلَمْ يَذْكُرِ الشَّيْطَانَ.

بَابٌ: فِي تَأْوِيلِ الرُّؤْيَا

(٢٢٦٩) حَدَّثَنَا حَاجِبُ بْنُ الْوَلِيدِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ، عَنِ الزُّبَيْدِيِّ، أَخْبَرَنِي الزُّهْرِيُّ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ أَوْ أَبَا هُرَيْرَةَ كَانَ يُحَدِّثُ أَنَّ رَجُلًا أَتَى رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

(٠٠٠) (ح) وَحَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى التُّجِيبِيُّ (وَاللَّفْظُ لَهُ)، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ عُبَيْدَ اللهِ بْنَ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ أَخْبَرَهُ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ كَانَ يُحَدِّثُ «أَنَّ رَجُلًا أَتَى رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي أَرَى اللَّيْلَةَ فِي الْمَنَامِ ظُلَّةً تَنْطِفُ السَّمْنَ وَالْعَسَلَ، فَأَرَى النَّاسَ يَتَكَفَّفُونَ مِنْهَا بِأَيْدِيهِمْ فَالْمُسْتَكْثِرُ وَالْمُسْتَقِلُّ، وَأَرَى سَبَبًا وَاصِلًا مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ فَأَرَاكَ أَخَذْتَ بِهِ فَعَلَوْتَ، ثُمَّ أَخَذَ بِهِ رَجُلٌ مِنْ

بَعْدِكَ فَعَلَا، ثُمَّ أَخَذَ بِهِ رَجُلٌ آخَرُ فَعَلَا، ثُمَّ أَخَذَ بِهِ رَجُلٌ آخَرُ فَانْقَطَعَ بِهِ، ثُمَّ وُصِلَ لَهُ فَعَلَا. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَا رَسُولَ اللهِ، بِأَبِي أَنْتَ وَاللهِ لَتَدَعَنِّي فَلَأَعْبُرَنَّهَا! قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اعْبُرْهَا. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَمَّا الظُّلَّةُ فَظُلَّةُ الْإِسْلَامِ، وَأَمَّا الَّذِي يَنْطِفُ مِنَ السَّمْنِ وَالْعَسَلِ فَالْقُرْآنُ حَلَاوَتُهُ


١٧ - قوله: (ظلة) بالضم فالتشديد، أي سحابة لها ظل، وكل ما أظل من سقيفة ونحوها يسمى ظلة (تنطف) بكسر الطاء وضمها، أي تقطر قليلا قليلًا. يقال: نطف الماء إذا سال خفيفًا (يتكففون) أي يأخذون بأكفهيم. يقال: تكفف أي بسط كفه ليأخذ (فالمستكثر والمستقل) أي الآخذ كثيرًا والآخذ قليلًا (وأرى سببًا واصلًا) أي حبلًا مدليًا (لتدعني) بتشديد النون، أي لتتركني، وهو استيذان، وفي رواية سليمان بن كثير عند الدارمي وأبي عوانة "ائذن لي" (فلأعبرنها) أي فلأفسرنها، وفي رواية سليمان: "وكان من أعبر الناس للرؤيا بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -" (حلاوته ولينه) فأشبه العسل في الحلاوة، وأشبه السمن في اللين. وأما الآخذون بالسبب الواصل بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - فقد ظهر أنهم أبو بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم (أصبت بعضًا وأخطأت) اختلف العلماء في تعيين هذا الخطأ، فاحتاطت طائفة وامتنعت عن تعيين خطأ لم يبينه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولم يعرفه الصديق، ورأت هذه جرأة عليهما وتقدمًا بين يديهما، وأقدمت طائفة على التبيين، وقالت: إنما لم يبينه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأنه كان يلزم من تبيينه مفسدة إذ ذاك، وقد زالت بعده. ثم اختلف هؤلاء فقالت طائفة: خطؤه أنه أقدم واجترأ على التعبير في حضرة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فكان من باب التقدم عليه. قلت: إنه استأذن وعبر بعد الإذن فأين التقدم عليه؟ ولو كان الخطأ هو هذا لكان الصديق أعرف به من هؤلاء. ثم النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما خطأه في بعض أجزاء التعبير، لا في القيام باصل التعبير. وقالت طائفة: خطؤه أن المذكور في الرؤيا شيئان: العسل والسمن، وفسرهما بشيء واحد، وهو القرآن، وكان ينبغي أن يفسرهما بالقرآن والسنة. وقد مال إلى هذا كثير من أهل العلم. ولكن فيه أن القرآن والسنة متلازمان، وذكر أحدهما يغني عن الآخر، فليس في تعبيره بالقرآن ما يؤخذ عليه. والذي أراه - ولم أر من قال به - أن الخطأ في تعبير السبب الواصل بالحق، إذ الحق لم يخصر بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - في الخلفاء الثلاثة، فالصحابة الذين كانوا في زمانهم كانوا متمسكين بالحق، ثم علي بن أبي طالب وأصحابه كانوا على الحق، ثم لم تزل ولا تزال طائفة من الأمة متمسكة بالحق حتى يأتي يوم القيامة. فليس لتخصيص الثلاثة بالتمسك=

<<  <  ج: ص:  >  >>