للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(٠٠٠) حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا سَالِمُ بْنُ نُوحٍ الْعَطَّارُ، عَنِ الْجُرَيْرِيِّ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ قَالَ: «نَزَلَ عَلَيْنَا أَضْيَافٌ لَنَا. قَالَ: وَكَانَ أَبِي يَتَحَدَّثُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ اللَّيْلِ. قَالَ: فَانْطَلَقَ، وَقَالَ: يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ، افْرُغْ مِنْ أَضْيَافِكَ. قَالَ: فَلَمَّا أَمْسَيْتُ جِئْنَا بِقِرَاهُمْ، قَالَ: فَأَبَوْا، فَقَالُوا: حَتَّى يَجِيءَ أَبُو مَنْزِلِنَا، فَيَطْعَمَ مَعَنَا، قَالَ: فَقُلْتُ لَهُمْ: إِنَّهُ رَجُلٌ حَدِيدٌ، وَإِنَّكُمْ إِنْ لَمْ تَفْعَلُوا خِفْتُ أَنْ يُصِيبَنِي مِنْهُ أَذًى. قَالَ: فَأَبَوْا، فَلَمَّا جَاءَ لَمْ يَبْدَأْ بِشَيْءٍ أَوَّلَ مِنْهُمْ، فَقَالَ: أَفَرَغْتُمْ مِنْ أَضْيَافِكُمْ؟ قَالَ: قَالُوا: لَا وَاللهِ مَا فَرَغْنَا، قَالَ: أَلَمْ آمُرْ عَبْدَ الرَّحْمَنِ؟ قَالَ: وَتَنَحَّيْتُ عَنْهُ، فَقَالَ: يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ، قَالَ: فَتَنَحَّيْتُ، قَالَ: فَقَالَ: يَا غُنْثَرُ، أَقْسَمْتُ عَلَيْكَ إِنْ كُنْتَ تَسْمَعُ صَوْتِي إِلَّا جِئْتَ. قَالَ: فَجِئْتُ فَقُلْتُ: وَاللهِ مَا لِي ذَنْبٌ، هَؤُلَاءِ أَضْيَافُكَ فَسَلْهُمْ، قَدْ أَتَيْتُهُمْ بِقِرَاهُمْ فَأَبَوْا أَنْ يَطْعَمُوا حَتَّى تَجِيءَ. قَالَ: فَقَالَ: مَا لَكُمْ أَنْ لَا تَقْبَلُوا عَنَّا قِرَاكُمْ؟ قَالَ: فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَوَاللهِ لَا أَطْعَمُهُ اللَّيْلَةَ. قَالَ: فَقَالُوا: فَوَاللهِ لَا نَطْعَمُهُ حَتَّى تَطْعَمَهُ. قَالَ: فَمَا رَأَيْتُ كَالشَّرِّ كَاللَّيْلَةِ قَطُّ. وَيْلَكُمْ، مَا لَكُمْ أَنْ لَا تَقْبَلُوا عَنَّا قِرَاكُمْ؟ قَالَ: ثُمَّ قَالَ: أَمَّا الْأُولَى فَمِنَ الشَّيْطَانِ، هَلُمُّوا قِرَاكُمْ. قَالَ: فَجِيءَ بِالطَّعَامِ فَسَمَّى فَأَكَلَ وَأَكَلُوا. قَالَ: فَلَمَّا أَصْبَحَ غَدَا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، بَرُّوا وَحَنِثْتُ، قَالَ: فَأَخْبَرَهُ فَقَالَ: بَلْ أَنْتَ أَبَرُّهُمْ وَأَخْيَرُهُمْ. قَالَ: وَلَمْ تَبْلُغْنِي كَفَّارَةٌ.»

بَابُ فَضِيلَةِ الْمُوَاسَاةِ فِي الطَّعَامِ الْقَلِيلِ وَأَنَّ طَعَامَ الِاثْنَيْنِ يَكْفِي الثَّلَاثَةَ وَنَحْوِ ذَلِكَ

(٢٠٥٨) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ


= ما يقسم عليه، فهي لتأكيد معنى القسم، وقرة العين يكنى بها عن الفرح والسرور ورؤية ما يحبه الإنسان، والقرة مأخوذة من القر وهو البرد، والعين إنما تبرد برؤية ما يسر وتسخن برؤية ما يحزن ويؤلم (يعني يمينه) على عدم الأكل (ففرقنا اثنا عشر رجلًا) وفي نسخة: (فعرفنا اثنا عشر رجلًا) من التعريف، أي جعلنا عرفاء، واثنا عشر رجلًا منصوب على لغة من يجعل المثنى بالألف في الرفع والنصب والجر، هكذا قالوا: ولا يستبعد أن يكون "عرفنا" مبنيًّا للمفعول، و"اثنا عشر رجلًا" بدل من ضمير المتكلم أو بيان له، أي جعل كل رجل منا - ونحن اثنا عشر رجلا - عريفا على جزء من العسكر، وعلى الأول جاء في رواية في صحيح البخاري "ففرقنا" ومعناه أنه جعلهم اثنتي عشرة فرقة (الله أعلم كم مع كل رجل) يعني لا يدري كم كان تحت كل عريف منهم، لأن ذلك يحتمل القلة والكثرة (إلا أنه بعث معهم) أي غير أنه بعث مع كل مجموعة من الناس عريفا ليدعوهم إلى التناول من هذه البركة (فأكلوا منها أجمعون) أي إن جميع الجيش أكلوا من تلك الجفنة التي أرسل بها أبو بكر إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -.
١٧٧ - قوله: (افرغ من أضيافك) أي أطعمهم وقم بحق ضيافتهم (بقراهم) بكسر القاف مقصورًا، ما يقدم للضيف من مأكول ومشروب (أبو منزلنا) أي صاحب البيت، وهو أبو بكر رضي الله عنه (رجل حديد) أي شديد صلب، لا يتحمل التقصير في حقكم، والتأخير في قراكم (وتنحيت عنه) أي صرت في ناحية واختفيت فيها حتى لا يراني (أما الأولى فمن الشيطان) أي الحالة الأولى التي غضب فيها وحلف أنه لا يطعم الليلة (بروا وحنثت) أي بروا في يمينهم، يعني صدقوا وأوفوا بما أقسموا عليه، وحنثت، أي خالفت يميني وفعلت ضد ما أقسمت عليه (أبرهم وأخيرهم) أي أكثرهم برًّا أي طاعة، وخيرهم، لأنك حنثت في يمينك حنثًا مندوبا إليه مطلوبًا، فأنت أفضل منهم بهذا الاعتبار (ولم تبلغني كفارة) أي لم تبلغني أنه كفر عن هذا اليمين، ولا يلزم من عدم بلوغه ذلك أنه لم يكفر.
١٧٨ - معنى الكفاية في هذا الحديث وما يليه أنه يحصل به قيام البنية، لا أنه يشبع إشباعًا كاملًا، والمقصود =

<<  <  ج: ص:  >  >>