للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ: أَنْتَ أَجْمَلُ الْعَرَبِ، أَنَرْهَنُكَ نِسَاءَنَا؟ قَالَ لَهُ: تَرْهَنُونِي أَوْلَادَكُمْ، قَالَ: يُسَبُّ ابْنُ أَحَدِنَا فَيُقَالُ: رُهِنَ فِي وَسْقَيْنِ مِنْ تَمْرٍ، وَلَكِنْ نَرْهَنُكَ اللَّأْمَةَ (يَعْنِي السِّلَاحَ)، قَالَ: فَنَعَمْ. وَوَاعَدَهُ أَنْ يَأْتِيَهُ بِالْحَارِثِ، وَأَبِي عَبْسِ بْنِ جَبْرٍ، وَعَبَّادِ بْنِ بِشْرٍ، قَالَ: فَجَاؤُوا فَدَعَوْهُ لَيْلًا، فَنَزَلَ إِلَيْهِمْ، قَالَ سُفْيَانُ: قَالَ غَيْرُ عَمْرٍو: قَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ: إِنِّي لَأَسْمَعُ صَوْتًا كَأَنَّهُ صَوْتُ دَمٍ، قَالَ: إِنَّمَا هَذَا مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ، وَرَضِيعُهُ، وَأَبُو نَائِلَةَ، إِنَّ الْكَرِيمَ لَوْ دُعِيَ إِلَى طَعْنَةٍ لَيْلًا لَأَجَابَ، قَالَ مُحَمَّدٌ: إِنِّي إِذَا جَاءَ فَسَوْفَ أَمُدُّ يَدِي إِلَى رَأْسِهِ، فَإِذَا اسْتَمْكَنْتُ مِنْهُ فَدُونَكُمْ، قَالَ: فَلَمَّا نَزَلَ نَزَلَ وَهُوَ مُتَوَشِّحٌ، فَقَالُوا: نَجِدُ مِنْكَ رِيحَ الطِّيبِ، قَالَ: نَعَمْ،

تَحْتِي فُلَانَةُ، هِيَ أَعْطَرُ نِسَاءِ الْعَرَبِ، قَالَ: فَتَأْذَنُ لِي أَنْ أَشُمَّ مِنْهُ، قَالَ: نَعَمْ، فَشُمَّ، فَتَنَاوَلَ فَشَمَّ، ثُمَّ قَالَ: أَتَأْذَنُ لِي أَنْ أَعُودَ، قَالَ: فَاسْتَمْكَنَ مِنْ رَأْسِهِ، ثُمَّ قَالَ: دُونَكُمْ، قَالَ: فَقَتَلُوهُ».

بَابُ غَزْوَةِ خَيْبَرَ

(١٣٦٥) وَحَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ (يَعْنِي ابْنَ عُلَيَّةَ)، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ، عَنْ أَنَسٍ «أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَزَا خَيْبَرَ قَالَ: فَصَلَّيْنَا عِنْدَهَا صَلَاةَ الْغَدَاةِ بِغَلَسٍ، فَرَكِبَ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَرَكِبَ أَبُو طَلْحَةَ، وَأَنَا رَدِيفُ أَبِي طَلْحَةَ، فَأَجْرَى نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي زُقَاقِ خَيْبَرَ، وَإِنَّ رُكْبَتِي لَتَمَسُّ فَخِذَ نَبِيِّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَانْحَسَرَ الْإِزَارُ عَنْ فَخِذِ نَبِيِّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَإِنِّي لَأَرَى


= الرجل قد أراد صدقة) يريد النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (وقد عنانا) بتشديد النون الأولى، أي ألقانا في المشقة والعناء (وأيضًا) أي وزيادة على ذلك، وقد فسره بقوله: (والله لتملنه) أي لتضجرن منه أكثر من هذا الضجر (أن تسلفني سلفًا) أي أيّ تقرضني قرضًا (فما ترهنني؟ ) أي أيّ شيء تعطيني حتى يكون رهنًا على الذي تأخذه (أنت أجمل العرب) زاد ابن سعد من مرسل عكرمة: "ولا نأمنك، وأي امرأة تمتنع منك لجمالك" (في وسقين من تمر) الوسق بفتح الواو، ويجوز كسرها، ستون صاعًا، أي مائة وخمسون كيلوغرامًا، فيكون مجموع الوسقين ثلاثمائة كيلوغرام (اللأمة) بسكون الهمزة: الدرع، وتفسيره بالسلاح من قبيل إطلاق البعض وإرادة الكل، وإنما قالوا ذلك لئلا ينكر مجيئهم إليه بالسلاح (بالحارث) أي ابن أوس (كأنه صوت دم) وفي صحيح البخاري: "كأنه يقطر منه الدم" أي إن صاحبه إنما جاء للفتك بك (ورضيعه أبو نائلة) وفي نسخة (رضيعه وأبو نائلة) بواو العطف بينهما، وهو وهم، والصواب بإسقاط الواو، وفي صحيح البخاري: ورضيعي أبو نائلة، وكان أبو نائلة رضيعًا لمحمد بن مسلمة ولكعب بن الأشرف (وهو متوشح) أي لابس بردة. وكان قتل كعب في ربيع الأول من السنة الثالثة للهجرة، وفي الحديث جواز قتل الطواغيت غيلة.
(غزوة خيبر) خيبر مدينة معروفة على بعد ١٧٠ كيلومترًا شمال المدينة، غنية بالعيون والنخيل، وكان سكانها اليهود، وكانوا يتآمرون ضد النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، حتى جاءوا بالأحزاب المحزبة إلى المدينة في أواخر سنة خمس، ووقعت غزوة الأحزاب الرهيبة، فلما اطمئن النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من قريش بصلح الحديبية قصد خيبر في أوائل سنة سبع، وفتحها قلعة بعد قلعة حتى استسلم اليهود أخيرًا.
١٢٠ - قوله: (فصلينا عندها) أي قريبًا من خيبر وكانوا قد وصلوا إليها ليلًا (صلاة الغداة) أي صلاة الفجر (بغلس) بفتحتين، هو بقية ظلمة الليل بعد طلوع الفجر (فأجرى نبي الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) ركوبته (في زقاق خيبر) أي في طريقها الموصل إليها (وانحسر الإزار) أي زال وانكشف (خربت خيبر) قاله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إما تفاؤلًا بمناسبة اللفظ، وإما إخبارًا عن طريق الوحي (بساحة قوم) أي بفناء مدينتهم (والخميس) أي قالوا: "محمد والخميس" والخميس: الجيش، سمي به لأنه خمسة أقسام: ميمنة وميسرة ومقدمة وساقة وقلب، ويجوز في الخميس الرفع عطفًا على محمد، والنصب على =

<<  <  ج: ص:  >  >>