للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ بِإِصْبَعِهِ فِي جَيْبِهِ، فَلَوْ رَأَيْتَهُ يُوَسِّعُهَا وَلَا تَوَسَّعُ».

(٠٠٠) وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ الْحَضْرَمِيُّ، عَنْ وُهَيْبٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَثَلُ الْبَخِيلِ وَالْمُتَصَدِّقِ مَثَلُ رَجُلَيْنِ عَلَيْهِمَا جُنَّتَانِ مِنْ حَدِيدٍ إِذَا هَمَّ الْمُتَصَدِّقُ بِصَدَقَةٍ، اتَّسَعَتْ عَلَيْهِ حَتَّى تُعَفِّيَ أَثَرَهُ، وَإِذَا هَمَّ الْبَخِيلُ بِصَدَقَةٍ، تَقَلَّصَتْ عَلَيْهِ، وَانْضَمَّتْ يَدَاهُ إِلَى تَرَاقِيهِ، وَانْقَبَضَتْ كُلُّ حَلْقَةٍ إِلَى صَاحِبَتِهَا، قَالَ: فَسَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: فَيَجْهَدُ أَنْ يُوَسِّعَهَا فَلَا يَسْتَطِيعُ».

بَابُ ثُبُوتِ أَجْرِ الْمُتَصَدِّقِ وَإِنْ وَقَعَتِ الصَّدَقَةُ فِي يَدِ غَيْرِ أَهْلِهَا

(١٠٢٢) حَدَّثَنِي سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنِي حَفْصُ بْنُ مَيْسَرَةَ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «قَالَ رَجُلٌ: لَأَتَصَدَّقَنَّ اللَّيْلَةَ بِصَدَقَةٍ، فَخَرَجَ بِصَدَقَتِهِ، فَوَضَعَهَا فِي يَدِ زَانِيَةٍ فَأَصْبَحُوا يَتَحَدَّثُونَ، تُصُدِّقَ اللَّيْلَةَ عَلَى زَانِيَةٍ قَالَ: اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ عَلَى زَانِيَةٍ، لَأَتَصَدَّقَنَّ بِصَدَقَةٍ، فَخَرَجَ بِصَدَقَتِهِ فَوَضَعَهَا فِي يَدِ غَنِيٍّ فَأَصْبَحُوا يَتَحَدَّثُونَ تُصُدِّقَ عَلَى غَنِيٍّ، قَالَ: اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ عَلَى غَنِيٍّ لَأَتَصَدَّقَنَّ بِصَدَقَةٍ فَخَرَجَ

بِصَدَقَتِهِ، فَوَضَعَهَا فِي يَدِ سَارِقٍ، فَأَصْبَحُوا يَتَحَدَّثُونَ تُصُدِّقَ عَلَى سَارِقٍ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ عَلَى زَانِيَةٍ، وَعَلَى غَنِيٍّ، وَعَلَى سَارِقٍ فَأُتِيَ فَقِيلَ لَهُ، أَمَّا صَدَقَتُكَ فَقَدْ قُبِلَتْ، أَمَّا الزَّانِيَةُ فَلَعَلَّهَا تَسْتَعِفُّ بِهَا عَنْ زِنَاهَا، وَلَعَلَّ الْغَنِيَّ يَعْتَبِرُ فَيُنْفِقُ مِمَّا أَعْطَاهُ اللهُ، وَلَعَلَّ السَّارِقَ يَسْتَعِفُّ بِهَا عَنْ سَرِقَتِهِ».

بَابُ أَجْرِ الْخَازِنِ الْأَمِينِ، وَالْمَرْأَةِ إِذَا تَصَدَّقَتْ مِنْ بَيْتِ زَوْجِهَا غَيْرَ مُفْسِدَةٍ بِإِذْنِهِ الصَّرِيحِ، أَوِ الْعُرْفِيِّ


= اشتدت والتصقت الحلق بعضها ببعض (حتى تجن بنانه) أي تستر وتغطي أنامله (وتعفو أثره) أي تمحو أثر قدمه لأجل انبساطها واتساعها وسبوغها، فهذا متعلق باتساع الدرع على المتصدق. وفي نظم الكلام خلل ظاهر، إذ كان موضع هذا قبل بيان مثل البخيل (يوسعها) أي البخيل الدرع (فلا تتسع) وهذا متعلق بضيق الدرع والتصاقه على البخيل. ومعنى الحديث أن الجواد الموفق إذا هم بالصدقة اتسع لذلك صدره وطاوعته نفسه، وانبسطت يداه بالبذل والعطاء، وإن البخيل إذا أراد الإنفاق حرج به صدره، واشمأزت عنه نفسه وانقبضت عنه يداه.
( ... ) قوله: (اضطرت أيديهما إلى ثديهما وتراقيهما) أي ألجئت إليها ولصقت بها كأنها مغلولة إلى أعناقهما (حتى تُغشي أنامله) أي تغطيها وتسترها (وتعفو أثره) أي تمحو أثر مشيته، وذلك لانبساطها واتساعها حتى فضلت عن قامته وأنامله. قيل: يريد أن الصدقة تستر خطايا المتصدق كما يستر الثوب الذي يجر على الأرض أثر مشي لابسه بمرور الذيل عليه. (يقول بإصبعه في جيبه) أي يدخلها فيه مشيرًا إلى الجهد في التوسيع. فالقول هنا بمعنى الفعل.
٧٨ - قوله: (قال رجل) أي من بني إسرائيل، كما عند أحمد من طريق ابن لهيعة عن الأعرج عن أبي هريرة، ولم يعرف اسمه (فوضعها في يد زانية) أي وهو لا يعلم أنها زانية (لك الحمد على زانية) أي على وقوع صدقتي على زانية، فإنها وقعت بيد من لا يستحقها، فلك الحمد حيث كان ذلك بإرادتك، وإرادتك جميلة، ولا يحمد على مكروه سواك. أو أنه حمد الله، ثم أبدى حسرته وتأسفه على وقوع صدقته على زانية. فقوله: "على زانية" جملة منفصلة عن سابقتها. وعلم من هذا الحديث أن نية المتصدق إذا كانت صالحة قبلت صدقته، ولو لم تقع الموقع، وهذا في صدقة التطوع، واختلفوا في الأجزاء في زكاة الفرض، فقيل: لا دلالة في الحديث على الاجزاء ولا على المنع، وقيل: قوله: "لأتصدقن" من باب الالتزام كالنذر، فصارت الصدقة واجبة عليه. وقد قرر النبي - صلى الله عليه وسلم - رؤيا المتصدق في قبول=

<<  <  ج: ص:  >  >>