للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَبِي هُرَيْرَةَ

أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ النَّذْرَ لَا يُقَرِّبُ مِنَ ابْنِ آدَمَ شَيْئًا لَمْ يَكُنِ اللهُ قَدَّرَهُ لَهُ، وَلَكِنِ النَّذْرُ يُوَافِقُ الْقَدَرَ، فَيُخْرَجُ بِذَلِكَ مِنَ الْبَخِيلِ مَا لَمْ يَكُنِ الْبَخِيلُ يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَ».

(٠٠٠) حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ (يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقَارِيَّ)، وَعَبْدُ الْعَزِيزِ (يَعْنِي الدَّرَاوَرْدِيَّ)، كِلَاهُمَا عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو بِهَذَا الْإِسْنَادِ مِثْلَهُ.

بَابٌ: لَا وَفَاءَ لِنَذْرٍ فِي مَعْصِيَةِ اللهِ، وَلَا فِيمَا لَا يَمْلِكُ الْعَبْدُ

(١٦٤١) وَحَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، وَعَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ السَّعْدِيُّ، (وَاللَّفْظُ لِزُهَيْرٍ)، قَالَا: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَبِي الْمُهَلَّبِ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قَالَ: «كَانَتْ ثَقِيفُ حُلَفَاءَ لِبَنِي عُقَيْلٍ، فَأَسَرَتْ ثَقِيفُ رَجُلَيْنِ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَسَرَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا مِنْ بَنِي عُقَيْلٍ، وَأَصَابُوا مَعَهُ الْعَضْبَاءَ، فَأَتَى عَلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ فِي الْوَثَاقِ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ، فَأَتَاهُ فَقَالَ: مَا شَأْنُكَ؟ فَقَالَ: بِمَ أَخَذْتَنِي، وَبِمَ أَخَذْتَ سَابِقَةَ الْحَاجِّ؟ فَقَالَ: (إِعْظَامًا لِذَلِكَ) أَخَذْتُكَ، بِجَرِيرَةِ حُلَفَائِكَ ثَقِيفٍ. ثُمَّ انْصَرَفَ عَنْهُ فَنَادَاهُ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، يَا مُحَمَّدُ، وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَحِيمًا رَقِيقًا، فَرَجَعَ إِلَيْهِ فَقَالَ: مَا شَأْنُكَ؟ قَالَ: إِنِّي مُسْلِمٌ، قَالَ: لَوْ قُلْتَهَا وَأَنْتَ تَمْلِكُ أَمْرَكَ، أَفْلَحْتَ كُلَّ الْفَلَاحِ. ثُمَّ انْصَرَفَ فَنَادَاهُ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، يَا مُحَمَّدُ، فَأَتَاهُ فَقَالَ: مَا شَأْنُكَ؟ قَالَ: إِنِّي جَائِعٌ فَأَطْعِمْنِي، وَظَمْآنُ فَأَسْقِنِي، قَالَ: هَذِهِ حَاجَتُكَ. فَفُدِيَ بِالرَّجُلَيْنِ. قَالَ: وَأُسِرَتِ امْرَأَةٌ مِنَ الْأَنْصَارِ، وَأُصِيبَتِ الْعَضْبَاءُ، فَكَانَتِ الْمَرْأَةُ فِي الْوَثَاقِ، وَكَانَ الْقَوْمُ


٨ - قوله: (لبني عقيل) بضم العين المهملة (وأصابوا معه العضباء) أي أصابوها، وهي ناقة نجيبة، كانت لرجل من بني عقيل، ثم انتقلت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (الوثاق) بفتح الواو؛ الحبل الذي يوثق به الأسير، أي يشد ويربط (سابقة الحاج) أراد بها العضباء، فإنها كانت لا تسبق، أو لا تكاد تسبق، معروفة بذلك، وسابقة الحاج ناقة تتقدم قافلة الحج، وكانت مكرمة عند أهل الجاهلية (بجريرة حلفائك) أي بجنايتهم وذنبهم، وهي أنهم أسروا منا رجلين (لو قلتها وأنت تملك أمرك ... إلخ) معناه لو قلت كلمة الإسلام قبل الأسر حين كنت مالك أمرك أفلحت كل الفلاح، لأنه لا يجوز أسرك لو أسلمت قبل الأسر، فكنت فزت بالإسلام وبالسلامة من الأسر ومن اغتنام مالك، وأما إذا أسلمت بعد الأسر فيسقط الخيار في قتلك، ويبقى الخيار بين الاسترقاق والمن والفداء، قاله النووي (ففدي بالرجلين) فيه جواز المفاداة بعد إسلام الأسير، ولكن إذا أمن فتنته وردته، وأن إسلامه لا يسقط حق الغانمين منه، بخلاف ما لو أسلم قبل الأسر (أسرت امرأة من الأنصار) قال النووي: هي امرأة أبي ذر رضي الله عنه (أصيبت العضباء) أي أخذت، يعني أخذها العدو (يريحون نعمهم) أي يذهبون بمواشيهم إلى المراعي (رغا) ماض من الرغاء، بضم الراء، وهو صوت البعير (ناقة منوقة) بضم ففتح فتشديد، أي مذللة مطيعة نجيبة (في عجزها) بفتح العين وضم الجيم، أي مؤخرها (ونذروا بها) أي علموا بافتلاتها وأحسوا بهروبها (فأعجزتهم) بأن فرت بسرعة حتى لم يستطيعوا اللحاق بها والقبض عليها (ولا فيما لا يملك العبد) معناه أن المرأة لم تملك الناقة حتى تنحرها. وهذا يفيد أن العدو لو أخذ مال المسلمين، ثم استرده المسلمون لا يصير غنيمة يوزع على الغانمين. بل يرد إلى مالكه، ويكون ملكًا له.
( ... ) قوله: (وكانت من سوابق الحاج) أي تمشي في صفوفهم المقدمة لسرعتها ونجابتها (مجرسة ومدربة) بضم ففتح فتشديد، بصيغة اسم المفعول من باب التفعيل. قال النووي: المجرسة والمدربة والمنوقة والذلول كله بمعنى واحد.

<<  <  ج: ص:  >  >>