الحمد لله الذي جعل الكتاب والسنة أساس الشريعة الغراء. فأخرج بهما خلقه من الظلمات إلى النور، وهداهم إلى المحجة البيضاء، والصلاة والسلام على نبينا محمد المبعوث بالملة الحنيفية السهلة السمحاء، بعثه الله على فترة من الرسل ففتح به أعينًا عميا وآذانا صما وقلوبًا غلفا، اللهم فصل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه الذين هم صفوة البررة الأتقياء. وخلاصة أهل الفضل من الأولياء والعلماء.
أما بعد: فيقول العبد الضعيف المفتقر إلى رحمة ربه ومولاه صفي الرَّحمن بن عبد الله: إن هذا شرح موجز لطيف لأحد أعظم كتب الحديث: صحيح مسلم بن الحجاج - رحمه الله - طلب ذلك مني أحد الاخوة الأكارم الذي جعل همه الوحيد نشر علوم السلف وما صح من أمور الدين. وهو أخونا الفاضل المكرم عبد المالك مجاهد المدير المسئول لمكتبة دار السلام بالرياض، المملكة العربية السعودية.
وقد كان الدارسون لهذا الكتاب يشعرون بحاجتهم إلى مثل هذا الشرح. والقصد منه أولًا وقبل كلّ شيء الوصول، في حد مستطاع البشر، إلى ما يريده الشارع، والاستفادة في ذلك من فهم السلف، دون التقيد والالتزام برأي رجل من رجال الأمة، فإن هذا هو السبيل المستقيم الذي دعا الله سبحانه وتعالى إليه حيتَ يقول:{اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ}[الأعراف: ٣] ويقول: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا}[النساء: ٥٩] فالرد إلى الله والرسول هو المطلوب عند الاختلاف، لا التقيد بآراء الرجال.
وقد راعيت في هذا الشرح الموجز ما يلي:
(١) الإيجاز - فقد تقرر عند الإخوان أن أسلك في الشرح والإيضاح سبيل الإيجاز والاختصار، فاقتصرت على قدر الحاجة، وتركت جوانب يتنبه لها القارىء والدارس بقليل من التأمل والنظر.