٤٦ - قوله: (لا يجترئون علينا) فيتكلموا في وجوهنا، وكانوا يرون ذلك منافيًا لشرفهم، وحطًّا لشأنهم (فوقع في نفس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما شاء الله أن يقع) يشير إلى أنه وقع في خاطره - صلى الله عليه وسلم - ميل إلى قبول اقتراحهم طمعًا في إسلامهم. ٤٧ - قوله: (في بعض تلك الأيام) أي في بعض الغزوات، وهي غزوة أحد، وكان - صلى الله عليه وسلم - في سبعة من الأنصار واثنين من المهاجرين حين بدأ خالد بن الوليد بتطويق الجيش الإسلامي، فدافع عنه - صلى الله عليه وسلم - الأنصار واحدًا بعد واحد حتى قتلوا جميعًا - كما سيأتي - وحينئذ لم يبق معه إلا اثنان من المهاجرين، وهما طلحة وسعد رضي الله عنهما (عن حديثهما) يعني هما حدثا بذلك. ٤٨ - قوله: (ندب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الناس) أي دعاهم إلى عمل خاص من أعمال الجهاد على سبيل العموم، ليقوم به واحد منهم، وذلك العمل هو أن المسلمين كانوا مشغولين بمجابهة المشركين على الخندق في جهة شمالي المدينة إذ فوجئوا بخبر غدر بني قريظة ونقضهم العهد، وموافقتهم قريشًا على حرب المسلمين، وهم في جنوب المدينة، فوقع المسلمون بين شقي الرحى، فأراد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يتأكد من صحة الخبر، فندب الناس ثلاث مرات ليذهب طائفة منهم إلى بني قريظة، ويأتوا بالخبر، فلم ينتدب إلا الزبير (حواري) بتشديد الياء المنونة، قيل: هو الناصر، وقيل: هو الخالص، وأصله من تحرير الثياب، وهو تنقيتها وتبييضها بالغسل، فكما أن الثياب يخلص من الأدران والأوساخ بالتنقية والغسل كذلك الحواري يخلص لصاحبه من كل الشوائب، فاللفظ يفيد غاية الإخلاص (وحواري الزبير) الياء هنا مشددة مفتوحة لكون الحواري مضافة إلى ياء المتكلم كقوله: {وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ} [إبراهيم: ٢٢] ويجوز كسر الياء أيضًا.