للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْأَشْجَعِيُّ قَالَ: «كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تِسْعَةً، أَوْ ثَمَانِيَةً، أَوْ سَبْعَةً، فَقَالَ: أَلَا تُبَايِعُونَ رَسُولَ اللهِ، وَكُنَّا حَدِيثَ عَهْدٍ بِبَيْعَةٍ، فَقُلْنَا: قَدْ بَايَعْنَاكَ يَا رَسُولَ اللهِ، ثُمَّ، قَالَ: أَلَا تُبَايِعُونَ رَسُولَ اللهِ فَقُلْنَا: قَدْ بَايَعْنَاكَ يَا رَسُولَ اللهِ، ثُمَّ قَالَ: أَلَا تُبَايِعُونَ رَسُولَ اللهِ، قَالَ: فَبَسَطْنَا أَيْدِيَنَا، وَقُلْنَا: قَدْ بَايَعْنَاكَ يَا رَسُولَ اللهِ، فَعَلَامَ نُبَايِعُكَ؟ قَالَ: عَلَى أَنْ تَعْبُدُوا اللهَ، وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَالصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ، وَتُطِيعُوا، (وَأَسَرَّ كَلِمَةً خَفِيَّةً)، وَلَا تَسْأَلُوا النَّاسَ شَيْئًا فَلَقَدْ رَأَيْتُ بَعْضَ أُولَئِكَ النَّفَرِ يَسْقُطُ سَوْطُ أَحَدِهِمْ فَمَا يَسْأَلُ أَحَدًا يُنَاوِلُهُ إِيَّاهُ».

بَابُ مَنْ تَحِلُّ لَهُ الْمَسْأَلَةُ

(١٠٤٤) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، - كِلَاهُمَا - عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ، قَالَ يَحْيَى: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ هَارُونَ بْنِ رِيَابٍ، حَدَّثَنِي كِنَانَةُ بْنُ نُعَيْمٍ الْعَدَوِيُّ، عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ مُخَارِقٍ الْهِلَالِيِّ قَالَ: «تَحَمَّلْتُ حَمَالَةً، فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَسْأَلُهُ فِيهَا فَقَالَ: أَقِمْ حَتَّى تَأْتِيَنَا الصَّدَقَةُ، فَنَأْمُرَ لَكَ بِهَا قَالَ: ثُمَّ قَالَ: يَا قَبِيصَةُ إِنَّ الْمَسْأَلَةَ لَا تَحِلُّ إِلَّا لِأَحَدِ ثَلَاثَةٍ: رَجُلٍ تَحَمَّلَ حَمَالَةً فَحَلَّتْ لَهُ

الْمَسْأَلَةُ حَتَّى يُصِيبَهَا، ثُمَّ يُمْسِكُ، وَرَجُلٌ أَصَابَتْهُ جَائِحَةٌ اجْتَاحَتْ مَالَهُ، فَحَلَّتْ لَهُ الْمَسْأَلَةُ، حَتَّى يُصِيبَ قِوَامًا مِنْ عَيْشٍ، - أَوْ قَالَ: سِدَادًا مِنْ عَيْشٍ - وَرَجُلٌ أَصَابَتْهُ فَاقَةٌ حَتَّى يَقُومَ ثَلَاثَةٌ مِنْ ذَوِي الْحِجَا مِنْ قَوْمِهِ لَقَدْ أَصَابَتْ فُلَانًا فَاقَةٌ، فَحَلَّتْ لَهُ الْمَسْأَلَةُ حَتَّى يُصِيبَ قِوَامًا مِنْ عَيْشٍ - أَوْ قَالَ: سِدَادًا مِنْ عَيْشٍ - فَمَا سِوَاهُنَّ مِنَ الْمَسْأَلَةِ يَا قَبِيصَةُ سُحْتًا يَأْكُلُهَا صَاحِبُهَا سُحْتًا».


١٠٩ - قوله: (تحملت حمالة) التحمل هنا التكفل والالتزام، والحمالة بفتح الحاء وتخفيف الميم، هو المال يتحمله الإنسان عن غيره من دية أو غرامة أو مثلها، ليصلح به ذات البين. قال الخطابي: تفسير الحمالة أن يقع بين القوم التشاجر في الدماء والأموال، ويحدث بسببهما العداوة والشحناء، ويخاف من ذلك الفتق العظيم، فيتوسط الرجل فيما بينهم، ويسعى في إصلاح ذات البين، ويتضمن مالًا لأصحاب الطوائل، يترضاهم بذلك، حتى تسكن الثائرة، وتعود بينهم الألفة، وقال الشوكاني: قد كانت العرب إذا وقعت بينهم فتنة اقتضت غرامة في دية أو غيرها قام أحدهم فتبرع بالتزام ذلك والقيام به، حتى ترتفع تلك الفتنة الثائرة، ولا شك أن هذا من مكارم الأخلاق، وكانوا إذا علموا أن أحدًا تحمل حمالة بادروا إلى معونته، وأعطوه ما تبرأ به ذمته، وإذا سأل لذلك لم يعد نقصًا في قدره بل فخرًا. انتهى. (حتى يصيبها) أي الحمالة (ثم يمسك) أي عن السؤال، لأن السؤال حل له لأجل الحمالة، فلما أصابها ارتفعت الإباحة، فيجب أن يمسك عنه (أصابته جائحة) هي الآفة التي تهلك الثمار والأموال، وتستأصلها، كالغرق والحرق والبرد المفسد للزرع والثمار. من جاحه يجوحه إذا استأصله (اجتاحت) أي استأصلت وأتلفت (قواما) بكسر القاف. قيل: وبفتحها. أي ما يقوم به حاجته، ويسد به خلته (من عيش) أي معيشة من قوت ولباس (سدادًا) بكسر السين: ما تسد به حاجته وخلته، فهو بمعنى القوام (أصابته فاقة) أي حاجة وفقر بعد أن كان غنيًّا موسرًا، ولم يعرف حاله (ذوي الحجا) بكسر الحاء مقصورًا، أي العقل والفطنة (لقد أصابت ... إلخ) أي قائلين: لقد أصابت. والفرق بين هذا الرجل وبين الرجل السابق أن الفاقة في الرجل السابق ظاهرة بين غالب الناس، وفي هذا الرجل عنهم (سحتًا) هكذا بالنصب في الموضعين، وفي الموضع الأول يقدر فعل، أي يسأل أو يؤكل سحتًا، والسحت بضم فسكون. ويقال: بضمتين أيضًا. هو الحرام، سمي سحتًا لأنه يسحت البركة، أي يذهبها ويمحقها.

<<  <  ج: ص:  >  >>