للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَأْمُورٌ، اللَّهُمَّ احْبِسْهَا عَلَيَّ شَيْئًا، فَحُبِسَتْ عَلَيْهِ حَتَّى فَتَحَ اللهُ عَلَيْهِ. قَالَ: فَجَمَعُوا مَا غَنِمُوا، فَأَقْبَلَتِ النَّارُ لِتَأْكُلَهُ، فَأَبَتْ أَنْ تَطْعَمَهُ، فَقَالَ: فِيكُمْ غُلُولٌ، فَلْيُبَايِعْنِي مِنْ كُلِّ قَبِيلَةٍ رَجُلٌ، فَبَايَعُوهُ فَلَصِقَتْ يَدُ رَجُلٍ بِيَدِهِ فَقَالَ: فِيكُمُ الْغُلُولُ، فَلْتُبَايِعْنِي قَبِيلَتُكَ، فَبَايَعَتْهُ، قَالَ: فَلَصِقَتْ بِيَدِ

رَجُلَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ، فَقَالَ: فِيكُمُ الْغُلُولُ، أَنْتُمْ غَلَلْتُمْ، قَالَ: فَأَخْرَجُوا لَهُ مِثْلَ رَأْسِ بَقَرَةٍ مِنْ ذَهَبٍ، قَالَ: فَوَضَعُوهُ فِي الْمَالِ وَهُوَ بِالصَّعِيدِ، فَأَقْبَلَتِ النَّارُ فَأَكَلَتْهُ، فَلَمْ تَحِلَّ الْغَنَائِمُ لِأَحَدٍ مِنْ قَبْلِنَا، ذَلِكَ بِأَنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى رَأَى ضَعْفَنَا وَعَجْزَنَا فَطَيَّبَهَا لَنَا».

بَابُ الْأَنْفَالِ

(١٧٤٨) وَحَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: «أَخَذَ أَبِي مِنَ الْخُمُسِ سَيْفًا فَأَتَى بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: هَبْ لِي هَذَا، فَأَبَى فَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنْفَالِ قُلِ الأَنْفَالُ لِلهِ وَالرَّسُولِ}

(٠٠٠) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، وَابْنُ بَشَّارٍ، (وَاللَّفْظُ لِابْنِ الْمُثَنَّى)، قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: «نَزَلَتْ فِيَّ أَرْبَعُ آيَاتٍ؛ أَصَبْتُ سَيْفًا، فَأَتَى بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، نَفِّلْنِيهِ، فَقَالَ: ضَعْهُ. ثُمَّ قَامَ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ضَعْهُ مِنْ حَيْثُ أَخَذْتَهُ. ثُمَّ قَامَ فَقَالَ: نَفِّلْنِيهِ يَا رَسُولَ اللهِ، فَقَالَ: ضَعْهُ. فَقَامَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، نَفِّلْنِيهِ، أَأُجْعَلُ كَمَنْ لَا غَنَاءَ لَهُ؟ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ضَعْهُ مِنْ حَيْثُ أَخَذْتَهُ. قَالَ: فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنْفَالِ قُلِ الأَنْفَالُ لِلهِ


= أو بإبطاء حركتها، أو بإعطاء بركة كثيرة في وقت قليل (فأقبلت النار) من جهة السماء (غلول) هو السرقة من الغنيمة (فلصقت يد رجل بيده) وكان ذلك علامة الغلول، وأنها يد عليها حق يطلب أن يتخلص منه (مثل رأس بقرة) أي كقدره (وهو بالصعيد) أي مال الغنيمة على وجه الأرض (فطيبها لنا) أي أحل لنا أكلها، ورفع عنا محقها بالنار، وفيه اختصاص هذه الأمة بكل الغنيمة وأن إظهار العجز بين يدي الله يستوجب ثبوت الفضل.
٣٣ - قوله: (عن مصعب بن سعد) أي ابن أبي وقاص (عن أبيه. قال: أخذ أبي) قال النووي: هو من تلوين الخطاب، وتقديره عن مصعب بن سعد أنه حدث عن أبيه بحديث قال فيه: أخذ أبي من الخمس سيفًا ... إلخ. اهـ (هب) صيغة طلب من الهبة (فأبي، فأنزل الله ... إلخ) فلما نزلت الآية أعطاه السيف.
٣٤ - قوله: (نزلت فيّ أربع آيات) لَمْ يذكر هنا من الأربع إلَّا آية الأنفال، وقد أورد مسلم الأربع كلها في كتاب الفضائل، وهي بر الوالدين، وتحريم الخمر، وقوله: {وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ} [الأنعام: ٥٢] وآية الأنفال المذكورة في هذا الحديث (أصبت سيفًا فأتى به) السياق يقتضي أن يقول: "فأتيت به" ولكنه عبر عن نفسه بصيغة الغائب، ففيه التفات من التكلم إلى الغيبة (نفلنيه) صيغة طلب من التنفيل، والنفل هو ما يعطيه الإمام لبعض الغزاة من سلب وغيره زائدًا على نصيبه من الغنيمة (أأجعل كمن لا غناء له) الغناء بفتح الغين، الكفاية أي أأجعل أنا مثل من لا يغني في الحرب شيئًا؟ فيكون نصيبي ونصيبه سواء، ولا أفضل عليه بشيء؛ وإنما قال ذلك لأنه كان من الأبطال المعروفين، وقد أبلى في الحرب بلاء حسنًا، روى الإمام أحمد هذه القصة عن طريق محمد بن عبيد الله الثقفي عن سعد بن أبي وقاص قال: لما كان يوم بدر، وقتل أخي عمير، قتلت سعيد بن العاص، وأخذت سيفه، وكان يسمى ذا الكتيفة، فأتيت به النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فقال: "اذهب فاطرحه في القبض" قال: فرجعت، وبي ما لا يعلمه إلَّا الله، من قتل أخي وأخذ سلبي، قال: فما جاوزت إلَّا يسيرًا حتى نزلت سورة الأنفال، فقال لي رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "اذهب فخذ سلبك".

<<  <  ج: ص:  >  >>