للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(٠٠٠) وَحَدَّثَنِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ قُهْزَاذَ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ شَقِيقٍ، وَسَلَمَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَا: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ، - يَعْنِي: ابْنَ الْمُبَارَكِ - أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ فِي هَذَا الْإِسْنَادِ بِمَعْنَى حَدِيثِهِمَا.

بَابُ بَيَانِ أَنَّ لِكُلِّ بَلَدٍ رُؤْيَتَهُمْ وَأَنَّهُمْ إِذَا رَأَوُا الْهِلَالَ بِبَلَدٍ لَا يَثْبُتُ حُكْمُهُ لِمَا بَعُدَ عَنْهُمْ

(١٠٨٧) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، وَيَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، وَقُتَيْبَةُ، وَابْنُ حُجْرٍ، - قَالَ يَحْيَى بْنُ يَحْيَى: أَخْبَرَنَا وَقَالَ الْآخَرُونَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ وَهُوَ ابْنُ جَعْفَرٍ - عَنْ مُحَمَّدٍ، - وَهُوَ ابْنُ أَبِي حَرْمَلَةَ - عَنْ كُرَيْبٍ «أَنَّ أُمَّ الْفَضْلِ بِنْتَ الْحَارِثِ بَعَثَتْهُ إِلَى مُعَاوِيَةَ بِالشَّامِ قَالَ: فَقَدِمْتُ الشَّامَ، فَقَضَيْتُ حَاجَتَهَا، وَاسْتَهَلَّ عَلَيَّ رَمَضَانُ، وَأَنَا بِالشَّامِ فَرَأَيْتُ الْهِلَالَ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ، ثُمَّ قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ فِي آخِرِ الشَّهْرِ فَسَأَلَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، ثُمَّ ذَكَرَ الْهِلَالَ،

فَقَالَ: مَتَى رَأَيْتُمُ الْهِلَالَ؟ فَقُلْتُ: رَأَيْنَاهُ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ، فَقَالَ: أَنْتَ رَأَيْتَهُ؟ فَقُلْتُ: نَعَمْ وَرَآهُ النَّاسُ، وَصَامُوا وَصَامَ مُعَاوِيَةُ فَقَالَ: لَكِنَّا رَأَيْنَاهُ لَيْلَةَ السَّبْتِ، فَلَا نَزَالُ نَصُومُ حَتَّى نُكْمِلَ ثَلَاثِينَ، أَوْ نَرَاهُ، فَقُلْتُ: أَوَ لَا تَكْتَفِي بِرُؤْيَةِ مُعَاوِيَةَ وَصِيَامِهِ؟ فَقَالَ: لَا هَكَذَا أَمَرَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» وَشَكَّ يَحْيَى بْنُ يَحْيَى فِي نَكْتَفِي أَوْ تَكْتَفِي.


٢٨ - قوله: (واستهل عليّ رمضان) بالبناء للمفعول، أي ظهر عليّ هلاله (هكذا أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) الظاهر أن
معناه أن لا نكتفي برؤية أهل بلدة بعيدة، ولا نعتد بها، مثل ما بين المدينة والشام، بل نعمل برؤيتنا ورؤية أهل بلدتنا. وقد اختلفوا في هذه المسألة اختلافًا كثيرًا، فذهب الحنابلة وعامة الحنفية والمالكية وبعض الشافعية إلى إلزام جميع البلاد الصوم والإفطار برؤية أهل بلد، وإلى عدم اعتبار القرب والبعد بينها في ذلك، وإلى عدم اعتبار اختلاف المطالع، فيلزم أهل المشرق الصوم والإفطار برؤية أهل المغرب إذا ثبت عندهم رؤية أولئك بطريق موجب. وقال المحققون من الحنفية والمالكية وعامة الشافعية: إن كان بين البلدين مسافة قريبة لا تختلف المطالع لأجلها، كبغداد والبصرة مثًلا، لزم أهلهما الصوم برؤية الهلال في أحدهما. وإن كان بينهما بعد كثير، كالعراق والحجاز والشام فلكل أهل بلد رؤيتهم. وحديث الباب كالصريح في الدلالة على هذا المذهب، ولا يوجد لمخالفيه دليل يشفي، لا من العقل ولا من النقل. ثم القائلون باعتبار اختلاف المطالع اختلفوا في تحديد المسافة التي يعتبر فيها اختلاف المطالع، وأكثر الفقهاء على أنها مسيرة شهر. والأحسن أن يرجع في هذه المسألة إلى علم الهيئة الجديدة، علما بأنه لا فرق بين علم الهيئة الجديدة والقديمة في الحساب والنتيجة، وملخص ما يفيده هذا العلم أن القمر خلال كل أربع وعشرين ساعة يتأخر عن موضعه اثنتي عشرة درجة مع دورانه حول الأرض. ويشاهد في أواخر كل شهر أن القمر يطلع في صورة الهلال في أفق الشرق في حدود وقت الفجر. ومعناه أن القمر يكون مقدمًا على الشمس، ولكنه لأجل بطئه الخفيف يقترب من الشمس شيئًا فشيئًا، حتى إنه بعد ذلك بيوم أو يومين يحاذي الشمس تمامًا، يعني يجتمع الشمس والقمر على خط واحد. وهذا يسمى بالاقتران، ولا يرى القمر في هذه الأيام لأن الضوء يكون في جهته الخلفية لجهة الأرض، ثم بعد الاقتران تتقدم الشمس ويتأخر القمر قليلًا قليلًا، ويزيد البعد بينهما شيئًا فشيئًا مع انعكاس الضوء قليلًا قليلًا إلى جهته الأرضية حتى يتكون الهلال بعد أكثر من عشر ساعات، فإذا غربت الشمس في مكان ويكون البعد بينها وبين القمر عشر درجات أو أكثر يمكن رؤية الهلال، وكذلك إذا كان البعد بينهما ثماني درجات عموديًّا، ولكن يكون البعد من جهة اليمين أو اليسار بقدر عشر درجات يمكن رؤية الهلال. ولا يحصل بُعد ثمان درجات إلا بعد مضي ست عشرة ساعة على الاقتران. وإذا رئي الهلال في موضع لزم أن يرى في كل موضع في غربه، ولا يلزم أن يرى في شرقه، أما في الغرب فلأن الهلال كلما يتقدم في الغرب يزداد البعد بينه وبين الشمس فيزيد ارتفاعه على الأفق عند غروب الشمس في مواضع الغرب، فأولى أن يرى الهلال فيها، فإن لم ير فليس لعدم طلوعه =

<<  <  ج: ص:  >  >>