للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

(٠٠٠) وَحَدَّثَنِيهِ نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ، أَخْبَرَنِي أَبِي، حَدَّثَنِي خَالِدُ بْنُ قَيْسٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، وَلَمْ يَذْكُرْ: وَلَيْسَ بِالنَّجَاشِيِّ الَّذِي صَلَّى عَلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

بَابٌ: فِي غَزْوَةِ حُنَيْنٍ

(١٧٧٥) وَحَدَّثَنِي أَبُو الطَّاهِرِ أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ سَرْحٍ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: حَدَّثَنِي كَثِيرُ بْنُ عَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ قَالَ: قَالَ عَبَّاسٌ: «شَهِدْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ حُنَيْنٍ، فَلَزِمْتُ أَنَا وَأَبُو سُفْيَانَ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمْ نُفَارِقْهُ، وَرَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى بَغْلَةٍ لَهُ بَيْضَاءَ، أَهْدَاهَا لَهُ فَرْوَةُ بْنُ نُفَاثَةَ الْجُذَامِيُّ، فَلَمَّا الْتَقَى الْمُسْلِمُونَ وَالْكُفَّارُ وَلَّى الْمُسْلِمُونَ

مُدْبِرِينَ، فَطَفِقَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْكُضُ بَغْلَتَهُ قِبَلَ الْكُفَّارِ. قَالَ عَبَّاسٌ: وَأَنَا آخِذٌ بِلِجَامِ بَغْلَةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَكُفُّهَا إِرَادَةَ أَنْ لَا تُسْرِعَ، وَأَبُو سُفْيَانَ آخِذٌ بِرِكَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيْ عَبَّاسُ، نَادِ أَصْحَابَ السَّمُرَةِ. فَقَالَ عَبَّاسٌ (وَكَانَ رَجُلًا صَيِّتًا): فَقُلْتُ بِأَعْلَى صَوْتِي: أَيْنَ أَصْحَابُ السَّمُرَةِ؟ قَالَ: فَوَاللهِ لَكَأَنَّ عَطْفَتَهُمْ حِينَ سَمِعُوا صَوْتِي عَطْفَةُ الْبَقَرِ عَلَى أَوْلَادِهَا، فَقَالُوا: يَا لَبَّيْكَ، يَا لَبَّيْكَ. قَالَ: فَاقْتَتَلُوا وَالْكُفَّارَ، وَالدَّعْوَةُ فِي الْأَنْصَارِ يَقُولُونَ: يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ، يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ، قَالَ: ثُمَّ قُصِرَتِ الدَّعْوَةُ عَلَى بَنِي الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ، فَقَالُوا: يَا بَنِي الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ، يَا بَنِي الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ، فَنَظَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ عَلَى بَغْلَتِهِ كَالْمُتَطَاوِلِ


٧٦ - قوله: (يوم حنين) بضم الحاء مصغرًا، واد إلى جنب ذي المجاز قريب من عرفات، في جهة الطائف على طريق مكة من نخلة اليمانية، يبعد عن مكة ستة وعشرين كيلومترًا شرقًا، وقعت فيه الغزوة فعرفت به، وكان سببها أن قبائل ثقيف وهوازن اجتمعوا في قيادة مالك بن عوف النصري لقتال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حين رأوا أنه فتح مكة، فبلغ ذلك النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فخرج إليهم في سادس شوال سنة ثمان، ووصل إليهم، وهم في وادي حنين، في عاشره، فدارت المعركة (أبو سفيان بن الحارث) هو ابن عم رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قيل: اسمه كنيته، وقيل: اسمه المغيرة، كان شديد العداوة لرسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، يهجوه في أشعاره، ثم وفقه الله للإسلام، فخرج إلى المدينة، ولقي رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وهو في طريقه إلى فتح مكة، فشهد معه فتح مكة ثم غزوة حنين (على بغلة له بيضاء) وهي غير دلدل، لأنَّ دلدلًا كان قد أهدى له المقوقس، وقد أخطأ من زعم أنَّها دلدل، وكذلك أخطأ من زعم أنه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ تكن له بغلة غير دلدل، إذ كانت له - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سوى دلدل هذه البغلة وأخرى أهداها له ملك أيلة (فروة بن نفاثة) بنون مضمومة ثم فاء مخففة وبعد الألف ثاء مثلثة. اختلف في إسلامه. (ولى المسلمون مدبرين) أي عامتهم، وسيأتي سببه (يركض بغلته) أي يضربها برجله الشريفة ليسرع به إلى جموع الكفار، وكان ذلك من غاية شجاعته - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (ناد أصحاب السمرة) "ناد" أمر من المناداة، أي ادع، والسمرة هي الشجرة التي وقعت تحتها بيعة الرضوان في الحديبية، أي ناد أصحاب بيعة الرضوان (وكان رجلا صيتا) بفتح الصاد وتشديد الياء المكسورة، أي عالي الصوت. قال النووي: ذكر الحازمي في المؤتلف أن العباس رضي الله عنه كان يقف على سلع، فينادي غلمانه في آخر الليل، وهم في الغابة، فيسمعهم. قال: وبين سلع والغابة ثمانية أميال. اهـ (لكأن عطفتهم) أي ميلهم وعودتهم من الفرار إلى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (فاقتتلوا والكفار) أي فاقتتلوا مع الكفار (والدعوة في الأنصار) أي صرفت الدعوة إليهم وانحصرت فيهم، بعد أن نودي أصحاب السمرة بكل من كان فيها من المهاجرين والأنصار وغيرهم (كالمتطاول عليها) وذلك برفع رأسه الشريف فوق المعتاد (هذا حين حمي الوطيس) أي اشتدت الحرب، والوطيس: التنور، وحميه: اشتداد حره، شبه الحرب بالتنور، وشبه اشتدادها باشتداد حر التنور =

<<  <  ج: ص:  >  >>