للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَيْهَا إِلَى قِتَالِهِمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: هَذَا حِينَ حَمِيَ الْوَطِيسُ، قَالَ: ثُمَّ أَخَذَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَصَيَاتٍ فَرَمَى بِهِنَّ وُجُوهَ الْكُفَّارِ، ثُمَّ قَالَ: انْهَزَمُوا وَرَبِّ مُحَمَّدٍ. قَالَ: فَذَهَبْتُ أَنْظُرُ، فَإِذَا الْقِتَالُ عَلَى هَيْئَتِهِ فِيمَا أَرَى، قَالَ: فَوَاللهِ مَا هُوَ إِلَّا أَنْ رَمَاهُمْ بِحَصَيَاتِهِ، فَمَا زِلْتُ أَرَى حَدَّهُمْ كَلِيلًا، وَأَمْرَهُمْ مُدْبِرًا».

(٠٠٠) وَحَدَّثَنَاهُ إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، جَمِيعًا عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ بِهَذَا الْإِسْنَادِ نَحْوَهُ، غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ: فَرْوَةُ بْنُ نُعَامَةَ الْجُذَامِيُّ، وَقَالَ: انْهَزَمُوا وَرَبِّ الْكَعْبَةِ، انْهَزَمُوا وَرَبِّ الْكَعْبَةِ. وَزَادَ فِي الْحَدِيثِ: حَتَّى هَزَمَهُمُ اللهُ. قَالَ: وَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْكُضُ خَلْفَهُمْ عَلَى بَغْلَتِهِ.

(٠٠٠) وَحَدَّثَنَاهُ ابْنُ أَبِي عُمَرَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي كَثِيرُ بْنُ الْعَبَّاسِ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: «كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ حُنَيْنٍ». وَسَاقَ الْحَدِيثَ، غَيْرَ أَنَّ حَدِيثَ يُونُسَ وَحَدِيثَ مَعْمَرٍ أَكْثَرُ مِنْهُ وَأَتَمُّ.

(١٧٧٦) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: «قَالَ رَجُلٌ لِلْبَرَاءِ: يَا أَبَا عُمَارَةَ، أَفَرَرْتُمْ يَوْمَ حُنَيْنٍ؟ قَالَ: لَا وَاللهِ،

مَا وَلَّى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَكِنَّهُ خَرَجَ شُبَّانُ أَصْحَابِهِ وَأَخِفَّاؤُهُمْ حُسَّرًا لَيْسَ عَلَيْهِمْ سِلَاحٌ، أَوْ كَثِيرُ سِلَاحٍ، فَلَقُوا قَوْمًا رُمَاةً لَا يَكَادُ يَسْقُطُ لَهُمْ سَهْمٌ، جَمْعَ هَوَازِنَ وَبَنِي نَصْرٍ، فَرَشَقُوهُمْ رَشْقًا مَا يَكَادُونَ يُخْطِئُونَ، فَأَقْبَلُوا هُنَاكَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى بَغْلَتِهِ الْبَيْضَاءِ، وَأَبُو سُفْيَانَ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ يَقُودُ بِهِ، فَنَزَلَ فَاسْتَنْصَرَ وَقَالَ:

أَنَا النَّبِيُّ لَا كَذِبْ ... ... أَنَا ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبْ


= وهو كلام بديع لَمْ يسمع من أحد قبل النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وقال الأصمعي: الوطيس حجارة مدورة، إذا حميت لَمْ يقدر أحد أن يطأ عليها. فيقال: الآن حمي الوطيس، ويقرب منه ما قيل: إنه نقرة في حجر يوقد تحتها النار، فيطبخ فيه اللحم، وقيل: هو الضرب في الحرب، وقيل: هو الحرب التي تطيس الناس، أي يدقهم (أرى حدهم كليلًا) الحد من حد السيف، والمراد به القوة والشدة، والكليل من الكل وهو التعب، يعني لَمْ تزل قوتهم بعد ذلك في تعب وكل حتى انهزموا.
٧٧ - قوله: (فروة بن نعامة) أي بالعين بعد النون وبالميم بعد الألف، والصحيح المعروف أنه نفاثة بالفاء والثاء كما تقدم.
٧٨ - قوله: (يا أبا عمارة) كنية البراء (لا والله! ما ولى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) تضمن هذا الجواب إثبات الفرار لهم، ولكن لا على سبيل التعميم، وكأن السؤال كان يوهم شموله للنبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فبادر إلى استثنائه، ثم بين من فر ولماذا فر، ثم ختم حديثه بأنه لَمْ يكن أحد يومئذ أشد شجاعة منه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وهذا الجواب والأسلوب من بديع الأدب (وأخفاؤهم) جمع خفيف، وهم المسارعون المستعجلون (حسرًا) بضم الحاء وتشديد السين المفتوحة جمع حاسر، مثل سجد وساجد، والحاسر من لا درع له ولا مغفر، وفسره في الحديث بقوله: "ليس عليهم سلاح" أي سلاح الوقاية (لا يكاد يسقط لهم سهم) أي كانوا مهرة لَمْ يكادوا يخطئون الهدف (فرشقوهم رشقًا) أي رموهم رميًا، وهذا التعبير ينبىء عن =

<<  <  ج: ص:  >  >>