للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثُمَّ صَفَّهُمْ».

(٠٠٠) حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَنَابٍ الْمِصِّيصِيُّ، حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنْ زَكَرِيَّاءَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: «جَاءَ رَجُلٌ إِلَى الْبَرَاءِ فَقَالَ: أَكُنْتُمْ وَلَّيْتُمْ يَوْمَ حُنَيْنٍ يَا أَبَا عُمَارَةَ؟ فَقَالَ: أَشْهَدُ عَلَى نَبِيِّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا وَلَّى، وَلَكِنَّهُ انْطَلَقَ أَخِفَّاءُ مِنَ النَّاسِ وَحُسَّرٌ إِلَى هَذَا الْحَيِّ مِنْ هَوَازِنَ، وَهُمْ قَوْمٌ رُمَاةٌ، فَرَمَوْهُمْ بِرِشْقٍ مِنْ نَبْلٍ، كَأَنَّهَا رِجْلٌ مِنْ جَرَادٍ فَانْكَشَفُوا، فَأَقْبَلَ الْقَوْمُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو سُفْيَانَ بْنُ الْحَارِثِ يَقُودُ بِهِ بَغْلَتَهُ، فَنَزَلَ وَدَعَا وَاسْتَنْصَرَ وَهُوَ يَقُولُ:

أَنَا النَّبِيُّ لَا كَذِبْ ... ... أَنَا ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبْ.

، اللَّهُمَّ نَزِّلْ نَصْرَكَ. قَالَ الْبَرَاءُ: كُنَّا وَاللهِ إِذَا احْمَرَّ الْبَأْسُ نَتَّقِي بِهِ، وَإِنَّ الشُّجَاعَ مِنَّا لَلَّذِي يُحَاذِي بِهِ، يَعْنِي النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ».

(٠٠٠) وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، وَابْنُ بَشَّارٍ، (وَاللَّفْظُ لِابْنِ الْمُثَنَّى)، قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: «سَمِعْتُ الْبَرَاءَ، وَسَأَلَهُ رَجُلٌ مِنْ قَيْسٍ: أَفَرَرْتُمْ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ حُنَيْنٍ؟ فَقَالَ الْبَرَاءُ: وَلَكِنْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَفِرَّ، وَكَانَتْ هَوَازِنُ يَوْمَئِذٍ رُمَاةً، وَإِنَّا لَمَّا حَمَلْنَا عَلَيْهِمُ انْكَشَفُوا، فَأَكْبَبْنَا عَلَى الْغَنَائِمِ فَاسْتَقْبَلُونَا بِالسِّهَامِ، وَلَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى بَغْلَتِهِ الْبَيْضَاءِ، وَإِنَّ أَبَا سُفْيَانَ بْنَ الْحَارِثِ آخِذٌ بِلِجَامِهَا وَهُوَ يَقُولُ:

أَنَا النَّبِيُّ لَا كَذِبْ ... أَنَا ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبْ.»

(٠٠٠) وَحَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ خَلَّادٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ سُفْيَانَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ: «قَالَ لَهُ رَجُلٌ: يَا أَبَا عُمَارَةَ».


= كثرة الرمي وشدته (فأقبلوا هناك إلى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) أي أقبل إليه العدو بعد فرار المسلمين وانهزامهم (يقود به) أي آخذ لجامه (واستنصر) أي دعا الله سبحانه وطلب منه النصر (لا كذب) أي أنا نبي حقًّا، لا كذب في ذلك، فلا أفر ولا أنهزم (أنا ابن عبد المطلب) انتسب إلى جده لشهرته بين الناس، ولشرفه ونباهة ذكره، ولأنه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان معروفًا بنسبته إليه لا إلى أبيه، ولأن أهل العلم كانوا يعرفون أن نبيًّا سيبعث من ذرية عبد المطلب، ويكون خاتم الأنبياء، فنبههم على ذلك، ونبه أصحابه بأنه لا بد من ظهوره وغلبته، وأن العاقبة له، لتقوَّى قلوبُهم إذا عرفوا أنه ثابت غير منهزم، وركوبه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على بغلة بيضاء في مثل هذا المكان، وهي تظهر ولا تخفي، ثم تقدمه إلى العدو في مثل هذه الظروف الصعبة، ثم إعلانه عن نفسه بأنه ابن عبد المطلب، بدل التعمية والإخفاء، كلّ ذلك من غاية شجاعته - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
٧٩ - قوله: (برشق من نبل) الرشق بكسر الراء: اسم للسهام التي ترميها الجماعة دفعة واحدة، والنبل: السهام (كأنها رجل من جراد) الرجل بالكسر، أي جماعة أو طائفة كثيفة من جراد (فانكشفوا) أي انهزموا وفروا عن مواضعهم (فأقبل القوم) أي العدو (احمر البأس) أي اشتدت الحرب، عبر عن شدة الحرب باحمرارها لحمرة الدماء الحاصلة فيها في العادة، أو تشبيها لاشتعال الحرب باشتعال الجمرة والنار (نتقي به) أي نلوذ خلفه.
٨٠ - قوله: (فأكببنا على الغنائم) أي انقضضنا عليها، وتركنا قتال العدو ومطاردتهم (وإن أبا سفيان بن الحارث =

<<  <  ج: ص:  >  >>