للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(٠٠٠) وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا: «أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا قَدِمَ مَكَّةَ أَتَى الْحَجَرَ فَاسْتَلَمَهُ، ثُمَّ مَشَى عَلَى يَمِينِهِ، فَرَمَلَ ثَلَاثًا، وَمَشَى أَرْبَعًا».

بَابٌ: فِي الْوُقُوفِ وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ}

(١٢١٩) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: «كَانَ قُرَيْشٌ وَمَنْ دَانَ دِينَهَا يَقِفُونَ بِالْمُزْدَلِفَةِ، وَكَانُوا يُسَمَّوْنَ الْحُمْسَ، وَكَانَ سَائِرُ الْعَرَبِ يَقِفُونَ بِعَرَفَةَ، فَلَمَّا جَاءَ الْإِسْلَامُ أَمَرَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ نَبِيَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَأْتِيَ عَرَفَاتٍ فَيَقِفَ بِهَا، ثُمَّ يُفِيضَ مِنْهَا، فَذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ}».

(٠٠٠) وَحَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: «كَانَتِ الْعَرَبُ تَطُوفُ بِالْبَيْتِ عُرَاةً إِلَّا الْحُمْسَ، وَالْحُمْسُ قُرَيْشٌ وَمَا وَلَدَتْ، كَانُوا يَطُوفُونَ عُرَاةً، إِلَّا أَنْ تُعْطِيَهُمُ الْحُمْسُ ثِيَابًا، فَيُعْطِي الرِّجَالُ الرِّجَالَ، وَالنِّسَاءُ النِّسَاءَ، وَكَانَتِ الْحُمْسُ لَا يَخْرُجُونَ مِنَ الْمُزْدَلِفَةِ وَكَانَ النَّاسُ كُلُّهُمْ يَبْلُغُونَ

عَرَفَاتٍ». قَالَ هِشَامٌ: فَحَدَّثَنِي أَبِي عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتِ: الْحُمْسُ هُمُ الَّذِينَ أَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ فِيهِمْ: {ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ}، قَالَتْ: كَانَ النَّاسُ يُفِيضُونَ مِنْ عَرَفَاتٍ، وَكَانَ الْحُمْسُ يُفِيضُونَ مِنَ الْمُزْدَلِفَةِ، يَقُولُونَ: لَا نُفِيضُ إِلَّا مِنَ الْحَرَمِ، فَلَمَّا نَزَلَتْ: {أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ} رَجَعُوا إِلَى عَرَفَاتٍ.


١٥٠ - قوله: (أتى الحجر) الأسود (فاستلمه) أي لمسه وقبله (على يمينه) أي يمين نفسه أو يمين الحجر، وذلك بأن جعل الكعبة على يساره (فرمل) أي مش بسرعة مع تقارب الخطى وهز كتفيه (ثلاثًا) أي ثلاث مرات من الأشواط السبعة (ومشى) على السكون والهينة (أربعًا) أي في أربع مرات. وفي الحديث تقديم الطواف على كل عمل لمن يقدم إلى البيت حاجًّا أو معتمرًا.
١٥١ - قولها: (كان قريش ومن دان دينها) أي اتبعهم في دينهم واتخذ دينهم دينًا له (يقفون بالمزدلفة) حين يقف الناس بعرفة. قال سفيان بن عيينة: وكان الشيطان قد استهواهم فقال لهم: إن عظمتم غير حرمكم استخف الناس بحرمكم، فكانوا لا يخرجون من الحرم. رواه الحميدي في مسنده ١/ ٢٥٥ (وكانوا يسمون الحمس) بضم الحاء وسكون الميم. جمع أحمس، من الحماسة وهي الشجاعة والشدة، سموا بذلك لما شددوا على أنفسهم، وكانوا إذا أهلوا بحج أو عمرة لا يأكلون لحما، ولا يقطون أقطا، ولا يسلئون سمنا، ولا يضربون خيمة من وبر ولا شعر، ولا يستظلون إلا في بيوت الأدم، وأمروا أهل الحل أن لا يطوفوا أول طوافهم إلا في ثياب الحصى، فكانوا يعطون لهم الثوب، وأما المراد بمن دان دينهم فهو أن قريشًا كان إذا خطب إليهم الغريب اشترطوا عليه أن ولدها على دينهم، فدخل بذلك في الحصى من غير قريش بطون من ثقيف وليث بن بكر وخزاعة وبني عامر بن صعصعة وغيرهم.
١٥٢ - قوله: (تطوف بالبيت عراة) جمع عار، وهو من لا يكون على جسده ثوب ولا شيء، وكانوا يطوفون كذلك إذا لم يجدوا ثيابًا من الحصى، وغالبا ما كانوا يجدون، فعم ذلك، وكان من فواحش أهل الجاهلية، وقد قضى عليها النبي - صلى الله عليه وسلم - حين أمر أبا بكر سنة تسع على الحج، وأمره أن يبعث رجالا ينادون ألا لا يحجن بعد هذا العام مشرك ولا يطوف بالبيت عريان (والحمس قريش وما ولدت) أي نساؤهم من الأولاد في قبائل أخرى {ثُمَّ أَفِيضُوا} أي ادفعوا وارجعوا {مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ} أي عامتهم، وهو عرفة، والرجوع منها يستلزم الخروج إليها =

<<  <  ج: ص:  >  >>