للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثُمَّ أَتْبَعَهُ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ، فَلَمَّا قَدِمَ عَلَيْهِ قَالَ: انْزِلْ وَأَلْقَى لَهُ وِسَادَةً، وَإِذَا رَجُلٌ عِنْدَهُ مُوثَقٌ، قَالَ: مَا هَذَا؟ قَالَ: هَذَا كَانَ يَهُودِيًّا فَأَسْلَمَ، ثُمَّ رَاجَعَ دِينَهُ دِينَ السَّوْءِ فَتَهَوَّدَ، قَالَ: لَا أَجْلِسُ حَتَّى يُقْتَلَ، قَضَاءُ اللهِ وَرَسُولِهِ، فَقَالَ: اجْلِسْ، نَعَمْ، قَالَ: لَا أَجْلِسُ حَتَّى يُقْتَلَ قَضَاءُ اللهِ وَرَسُولِهِ، ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، فَأَمَرَ بِهِ فَقُتِلَ، ثُمَّ تَذَاكَرَا الْقِيَامَ مِنَ اللَّيْلِ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا مُعَاذٌ: أَمَّا أَنَا فَأَنَامُ وَأَقُومُ، وَأَرْجُو فِي نَوْمَتِي مَا أَرْجُو فِي قَوْمَتِي.»

بَابُ كَرَاهَةِ الْإِمَارَةِ بِغَيْرِ ضَرُورَةٍ

(١٨٢٥) حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ اللَّيْثِ، حَدَّثَنِي أَبِي شُعَيْبُ بْنُ اللَّيْثِ، حَدَّثَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ بَكْرِ بْنِ عَمْرٍو، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ يَزِيدَ الْحَضْرَمِيِّ، عَنِ ابْنِ حُجَيْرَةَ الْأَكْبَرِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: «قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَلَا تَسْتَعْمِلُنِي؟ قَالَ: فَضَرَبَ بِيَدِهِ عَلَى مَنْكِبِي، ثُمَّ قَالَ: يَا أَبَا ذَرٍّ، إِنَّكَ ضَعِيفٌ، وَإِنَّهَا

أَمَانَةُ، وَإِنَّهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ خِزْيٌ وَنَدَامَةٌ، إِلَّا مَنْ أَخَذَهَا بِحَقِّهَا وَأَدَّى الَّذِي عَلَيْهِ فِيهَا.»

(١٨٢٦) حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، كِلَاهُمَا عَنِ الْمُقْرِئِ، قَالَ زُهَيْرٌ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ يَزِيدَ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ أَبِي جَعْفَرٍ الْقُرَشِيِّ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي سَالِمٍ الْجَيْشَانِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «يَا أَبَا ذَرٍّ، إِنِّي أَرَاكَ ضَعِيفًا، وَإِنِّي أُحِبُّ لَكَ مَا أُحِبُّ لِنَفْسِي، لَا تَأَمَّرَنَّ عَلَى اثْنَيْنِ، وَلَا تَوَلَّيَنَّ مَالَ يَتِيمٍ.»

بَابُ فَضِيلَةِ الْإِمَامِ الْعَادِلِ وَعُقُوبَةِ الْجَائِرِ وَالْحَثِّ عَلَى الرِّفْقِ بِالرَّعِيَّةِ وَالنَّهْيِ عَنْ إِدْخَالِ الْمَشَقَّةِ عَلَيْهِمْ

(١٨٢٧) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، وَابْنُ نُمَيْرٍ قَالُوا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرٍو، (يَعْنِي ابْنَ دِينَارٍ)، عَنْ عَمْرِو بْنِ أَوْسٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ ابْنُ نُمَيْرٍ، وَأَبُو بَكْرٍ: يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَفِي حَدِيثِ زُهَيْرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ الْمُقْسِطِينَ عِنْدَ


= مجيئه من المدينة إلى أبي موسى مباشرة، وإنما جاء وتسلم العمل في منطقته، ثم كان كلّ منهما يزور الآخر في وقت ووقت، ووقع المذكور في الحديث في إحدى هذه الزيارات (وإذا رجل عنده موثق) بفتح الثاء، أي مشدود بالوثاق، والوثاق بفتح الواو وكسرها: الحبل والقيد ونحوهما مما يوثق به الأسير (دين السوء) بفتح السين، أي دين القبح والشر (قضاء الله ورسوله) وهو قوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "من بدل دينه فاقتلوه" (أرجو في نومتي ما أرجو في قومتي) أي في قيامي وصلاتي بالليل، وذلك لأنه كان ينام لتعود إليه القوة فيكون نشيطًا قويًّا على قيام الليل. فرجًا في نومه الأجر لأنه كان بنية حصول القوة على الخير.
١٦ - قوله: (ألا تستعملني) أي تجعلني عاملًا أي واليًا على الناس (إنها أمانة) أي إن الولاية مسئولية مهمة؛ لأنَّها تفرض على الوالي أن ينظر في جميع ما يهم الناس من الأمور، ثم يقودهم في كلّ باب قيادة حكيمة تبتني على العدل والنصح والرفق، وأن لا يقع منه إهمال ولا ظلم ولا غش ولا خيانة ولا اتباع هوى.
١٧ - قوله: (لا تأمرن) بحذف إحدى التائين، أي لا تتأمرن، وكذا قوله: "ولا تولين".
١٨ - قوله: (إن المقسطين) أي العادلين (الذين يعدلون في حكمهم) أي قضائهم (وأهليهم) أي أزواجهم أو أهل بيتهم من الأولاد والبنات وغيرهم (وما ولوا) بفتح الواو وضم اللام المخففة أي ما كانت لهم عليه ولاية من إمارة أو قضاء أو حسبة أو نظر على يتيم أو صدقة أو وقف أو أصغر من ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>