٣٨ - قوله: (تبرق) بفتح التاء وضم الراء، أي تضيء وتستنير من الفرح والسرور (أسارير وجهه) هي خطوط تجتمع في الجبهة وتنكسر، جمع أسرار وأسرة، وواحدها سر وسرر (أن مجززًا) بضم الميم بعدها جيم، ثم زاءان معجمتان، أولاهما مشددة مكسورة وحكى الفتح وهو ابن الأعور بن جعدة، سمي مجززًا لأنه كان في الجاهلية إذا أسر أسيرًا جز ناصيته، أي قطع شعرها، وأطلقه، ذكره ابن يونس فيمن شهد في فتح مصر، وكان عارفًا بالقيافة، وكان من بني مدلج، وكانت القيافة فيهم وفي بني أسد، تعترف لهم العرب بذلك (إن بعض هذه الأقدام لمن بعض) أي بينهما علاقة النسب، ووجه سروره - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بقوله هذا أن رجالًا من الناس كانوا يطعنون في نسب أسامة من زيد، لكونه أسود وزيد أبيض. وهم كانوا يعتمدون على قول القائف، فبشهادة هذا القائف اندفع طعنهم. مع أن طعنهم هذا لَمْ يكن له موضع، لأنَّ أم أسامة - وهي أم أيمن - كانت حبشية سوداء، واستدل بهذا الحديث على اعتبار القيافة في إثبات النسب، لأنَّ سروره - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بقول القائف دليل صحته، لأنه لا يسر بالباطل بل ينكره. وكانت أمور الجاهلية أكره شيء إليه إلَّا ما وافق الحق، فهذا السرور إقرار منه ورضى بقوله. وقد ثبت في اعتبار القيافة أدلة أخرى بسطها ابن القيم في الطرق الحكمية، وقال: وقد دل عليها سنة رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وعمل بها خلفاؤه الراشدون والصحابة من بعدهم. وبه قال مالك والشافعي وأحمد وأهل الظاهر. وخالفهم أبو حنيفة وأصحابه. اهـ وقال في زاد المعاد: قال أهل الحديث: من العجب أن ينكر علينا القول بالقافة ويجعلها من باب الحدس والتخمين من يلحق ولد المشرقي عن أقصى المغرب مع القطع بأنهما لَمْ يتلاقيا طرفة عين. اهـ.