للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ «أَنَّ ثَمَانِينَ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ هَبَطُوا عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ جَبَلِ التَّنْعِيمِ مُتَسَلِّحِينَ يُرِيدُونَ غِرَّةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ، فَأَخَذَهُمْ سِلْمًا فَاسْتَحْيَاهُمْ، فَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ}

بَابُ غَزْوَةِ النِّسَاءِ مَعَ الرِّجَالِ

(١٨٠٩) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ «أَنَّ أُمَّ سُلَيْمٍ اتَّخَذَتْ يَوْمَ حُنَيْنٍ خِنْجَرًا، فَكَانَ مَعَهَا, فَرَآهَا أَبُو طَلْحَةَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، هَذِهِ أُمُّ سُلَيْمٍ مَعَهَا خِنْجَرٌ، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا هَذَا الْخِنْجَرُ؟ قَالَتِ: اتَّخَذْتُهُ، إِنْ دَنَا مِنِّي أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ بَقَرْتُ بِهِ بَطْنَهُ، فَجَعَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَضْحَكُ، قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، اقْتُلْ مَنْ بَعْدَنَا مِنَ الطُّلَقَاءِ انْهَزَمُوا بِكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَا أُمَّ سُلَيْمٍ، إِنَّ اللهَ قَدْ كَفَى وَأَحْسَنَ.»

(٠٠٠) وَحَدَّثَنِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ، حَدَّثَنَا بَهْزٌ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ فِي قِصَّةِ أُمِّ سُلَيْمٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَ حَدِيثِ ثَابِتٍ.

(١٨١٠) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَغْزُو بِأُمِّ سُلَيْمٍ وَنِسْوَةٍ مِنَ الْأَنْصَارِ مَعَهُ إِذَا غَزَا , فَيَسْقِينَ الْمَاءَ وَيُدَاوِينَ الْجَرْحَى.»


= وكانوا شبابًا طائشين أرادوا بعملهم هذا أن تقع الحرب بين قريش والمسلمين، وتنتهى المراسلات التي كانت تهدف إلى الصلح (وأخذهم سلمًا) بفتح السين واللام، أي إذعانًا وانقيادًا منهم دون أن يقاتلوا، وروي بفتح السين وسكون اللام بمعنى الصلح، ولم يكونوا أخذوا صلحًا، ولكنهم لما عجزوا عن القتال والفرار فكأنهم رضوا بالأسر وصولحوا على ذلك.
١٣٤ - قولها: (بقرت به بطنه) أي شققت به بطنه (من بعدنا) أي من سوانا (من المطلقاء) وهم الذين أسلموا يوم الفتح من أهل مكة، سموا بذلك لأنَّ النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من عليهم يوم الفتح، وقال: لا تثريب عليكم اليوم، اذهبوا فأنتم المطلقاء، وحيث إنهم قد ظهر منهم الضعف، والفرار من القتال، في أول معركة بعد دخولهم في الإسلام فقد ظنت أم سليم أنهم منافقون، فطلبت قتلهم، أو أنَّها أعظمت الفرار حتى طلبت قتلهم (انهزموا بك) أي فروا عنك، فالباء بمعنى عن، أو فروا مع وجودك، وهذا أعظم بكثير عن الفرار إذا لَمْ يكن الرسول - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - موجودًا.
١٣٥ - قوله: (فيسقين الماء ويداوين الجرحى) أي من أقاربهن ومحارمهن، أو كن يوفرن المياه ويعدن الأدوية، فلا دليل فيه على كشف وجوههن أمام الأجانب، وإن كن كشفن أمام الجرحى لأجل الحاجة فإن ذلك لا يكون دليلًا على جواز كشفهن في عامة الأحوال، فأين هذا الجريح المسكين الذي لا يستطيع أن يمشي قدمًا أو قدمين أو يشرب الماء بنفسه من ذلك الشاب النضر الذي يمشي فرحًا مرحًا يحمل معه قوة عارمة من الشباب، وكيف يصح أن يقاس أحدهما على الآخر؟ .

<<  <  ج: ص:  >  >>