للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَنَّ سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللهِ أَخْبَرَهُ، «أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يُقَدِّمُ ضَعَفَةَ أَهْلِهِ، فَيَقِفُونَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ بِالْمُزْدَلِفَةِ بِاللَّيْلِ، فَيَذْكُرُونَ اللهَ مَا بَدَا لَهُمْ، ثُمَّ يَدْفَعُونَ قَبْلَ أَنْ يَقِفَ الْإِمَامُ، وَقَبْلَ أَنْ يَدْفَعَ، فَمِنْهُمْ مَنْ يَقْدَمُ مِنًى لِصَلَاةِ الْفَجْرِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقْدَمُ بَعْدَ ذَلِكَ، فَإِذَا قَدِمُوا رَمَوُا الْجَمْرَةَ، وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَقُولُ: أَرْخَصَ فِي أُولَئِكَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ».

بَابُ رَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ مِنْ بَطْنِ الْوَادِي، وَتَكُونُ مَكَّةُ عَنْ يَسَارِهِ، وَيُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ

(١٢٩٦) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَأَبُو كُرَيْبٍ قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ: «رَمَى عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ مِنْ بَطْنِ الْوَادِي بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ يُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ، قَالَ: فَقِيلَ لَهُ: إِنَّ أُنَاسًا يَرْمُونَهَا مِنْ فَوْقِهَا، فَقَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ: هَذَا، وَالَّذِي لَا إِلَهَ غَيْرُهُ مَقَامُ الَّذِي أُنْزِلَتْ عَلَيْهِ سُورَةُ الْبَقَرَةِ».

(٠٠٠) وَحَدَّثَنَا مِنْجَابُ بْنُ الْحَارِثِ التَّمِيمِيُّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ مُسْهِرٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ قَالَ: «سَمِعْتُ الْحَجَّاجَ بْنَ يُوسُفَ يَقُولُ وَهُوَ يَخْطُبُ عَلَى الْمِنْبَرِ: أَلِّفُوا الْقُرْآنَ كَمَا أَلَّفَهُ جِبْرِيلُ السُّورَةُ الَّتِي يُذْكَرُ فِيهَا الْبَقَرَةُ، وَالسُّورَةُ الَّتِي يُذْكَرُ فِيهَا النِّسَاءُ، وَالسُّورَةُ الَّتِي يُذْكَرُ فِيهَا آلُ عِمْرَانَ، قَالَ: فَلَقِيتُ إِبْرَاهِيمَ، فَأَخْبَرْتُهُ بِقَوْلِهِ، فَسَبَّهُ، وَقَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ أَنَّهُ كَانَ مَعَ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ، فَأَتَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ، فَاسْتَبْطَنَ الْوَادِي فَاسْتَعْرَضَهَا، فَرَمَاهَا مِنْ بَطْنِ

الْوَادِي بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ، يُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ، قَالَ: فَقُلْتُ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ إِنَّ النَّاسَ يَرْمُونَهَا مِنْ فَوْقِهَا، فَقَالَ: هَذَا وَالَّذِي لَا إِلَهَ غَيْرُهُ مَقَامُ الَّذِي أُنْزِلَتْ عَلَيْهِ سُورَةُ الْبَقَرَةِ».

(٠٠٠) وَحَدَّثَنِي يَعْقُوبُ الدَّوْرَقِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ. (ح)، وَحَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ، حَدَّثَنَا


٣٠٥ - قوله: (جمرة العقبة) هي أول جمرة من جهة مكة على حد منى (بسبع حصيات) بفتحات، جمع حصاة (يكبر مع كل حصاة) فيه استحباب التكبير مع كل حصاة، وأجمعوا على أنه لو ترك التكبير لا شيء عليه، إلا الثوري، فقال: يطعم، وإن جبره بدم أحب إلي. واستدل به على اشتراط رمي الجمار واحدة واحدة، فلو رمى السبع دفعة واحدة لم يجزه إلا عن واحدة (مقام الذي أنزلت عليه سورة البقرة) أي مقام النبي - صلى الله عليه وسلم - لرمي جمرة العقبة. فهو أفضل. وقد أجمعوا على أنه من حيث رماها جاز. وخص سورة البقرة بالذكر لأنها تشتمل على معظم أحكام المناسك.
٣٠٦ - قوله: (ألفوا القرآن كما ألفه جبريل) لم يتضح ماذا أراد الحجاج بقوله هذا، هل أراد ترتيب الآيات أو ترتيب السور، أو أراد أن لا يقول الناس مثلا "سورة البقرة" "وسورة النساء" بل يقولوا "السورة التي يذكر فيها البقرة" و "السورة التي يذكر فيها النساء" والظاهر أنه أراد هذا الأخير، لأن الإجماع كان حاصلًا على ترتيب الآيات والسور كلتيهما حسب مصحف عثمان رضي الله عنه. فكأن حجاجًا كان يرى أن جبريل عليه السلام نزل بأسماء السور حسب ما يقول هو، ولذلك رد عليه إبراهيم ردًّا شديدًا، واستدل بحديث ابن مسعود الذي ذكره، على صحة أن يقال "سورة البقرة" وغيرها. وهذا اختلاف كان معروفًا في الأوائل، يعني هل يصح أن يقال "سورة البقرة" مثلًا أو لا يصح إلا أن يقال "السورة التي يذكر فيها البقرة" وقد رد على هذا الأخير الإمام البخاري رحمه الله أيضًا. وقد انقرض هذا الاختلاف، وحصل الإجماع على صحة قول سورة البقرة، وأمثالها. قوله: (فاستبطن الوادي) أي دخل في بطن الوادي وقام فيه (فاستعرضها) أي جعل الجمرة أمامه عرضًا، وكانت الجمرة بحيث إذا قام الإنسان هكذا تكون مكة =

<<  <  ج: ص:  >  >>