٣٤ - قوله: (بالأعماق) جمع عمق بفتح وسكون (أو بدابق) بكسر الباء، وقيل: بفتحها، والأعماق ودابق كورتان في الشام على الحدود التركية الشامية، فأما دابق فهو في شمالي حلب بينه وبين حلب أربعة فراسخ، عنده مرج معشب نزه، وهو في الأصل اسم لنهر. وأما الأعماق فهي في شمالي إنطاكية مائلة إلى الشرق، متصلة بدابق (فإذا تصافوا) أي قاموا في الصف لمواجهة الروم (وبين الذين سبوا منا) بفتح السين والباء، مبنيًّا للفاعل، أي الذين أسروا رجالنا، والدليل على كون: "سبوا" مبنيًّا للفاعل قوله "نقاتلهم" فإنهم لا يقاتلون من أُسِرَ منهم، وإنما يقاتلون من أَسَرَهم، وهذا يفيد أن بعض الحروب تقع في هذه الجهة - وهي جهة الشام وتركيا - بين المسلمين والنصارى قبل نزول الروم، فينتصر فيها المسلمون، ويأسرون النصاري، وحينئذ تنزل الروم بحجة إنقاذهم، وتبدي أنَّها لا تريد غير من أسرهم، ولكنها تكون مخادعة في ذلك (لا يفتنون أبدًا) أي لا يصرفهم شيء عن الدين والتمسك به (فيفتتحون قسطنطينية) هذا فتح آخر لها على أيدي المسلمين غير الفتح الذي قام به السلطان محمد الفاتح العثماني، فإن هذا الفتح يحصل للمسلمين في آخر الزمان قرب خروج الدجال، وهذا يفيد أن المراد بنزول الروم المذكور في هذا الحديث ملحمتهم الكبرى التي يقومون بها في زمن المهدي أو قريبًا منه فينزلون في سواحل إسكندرونة، أو يأتون من داخل تركيا وهو مستبعد وينتشرون إلى الأعماق ودابق ثم تدور معركة رهيبة واسعة الأرجاء بحيث يمر الطائر بجنجاتها فيخر ميتًا قبل أن يجاوزها، وينتصر فيها المسلمون، ولكن بعدما يخسرون ثلثين منهم بل يصل القتل فيهم إلى تسعة وتسعين نفسًا في المائة، ولعله يضم غير المقاتلين، ويقضي الله على أهل الروم قضاء لا قيام لهم بعده، وقد وردت هذه التفاصيل في أحاديث متفرقة، وتعرف هذه المعركة عند أهل الكتاب بمعركة هرمجدون، وهم ينتظرون وقوعها قريبًا (قد علقوا =