٧١ - قوله: (عام الفتح) أي فتح مكة، وهو في رمضان سنة ثمان من الهجرة (إن الله ورسوله حرم) بإفراد الضمير، لأن المحرم هو الله، والرسول مظهر له، وأمره ناشىء عن أمر الله (أرأيت شحوم الميتة؟ ) أي هل يحل بيعها لما فيها من المنافع المذكورة (يطلى) بالبناء للمفعول من الطلي. أي يلطخ (السفن) بضمتين، جمع سفينة (ويدهن) بالبناء للمفعول من الإدهان أو التدهين (ويستصبح بها الناس) أي يوقدون بها المصابيح والسرج، يريد أن هذه المنافع والمصالح مقتضية لصحة البيع (فقال: لا، هو حرام) أي البيع حرام فالضمير يرجع إلى البيع لأن الكلام مسوق له، ولأن السؤال وقع عن بيع شحوم الميتة صراحة في رواية أحمد، فيكون الجواب أيضًا عن البيع لا الانتفاع. وقيل: الضمير يرجع إلى الانتفاع، وهو قول مرجوح (أجملوه) أي أذابوه، والضمير المنصوب يرجع إلى الشحوم بتأويل المذكور، أو إلى الشحم المفهوم من الشحوم. والحديث يدل على تحريم بيع المذكور من الخمر والميتة والخنزير والأصنام، أما الانتفاع بالميتة أو شحمها في مثل إيقاد السرج وإطعام الصقور والبزاة: فقيل حرام. وقيل: جائز. واستدل الخطابي على جواز الانتفاع بإجماعهم على أن من ماتت له دابة ساغ له إطعامها لكلاب الصيد، فكذلك يجوز دهن السفينة بشحم الميتة، ولا فرق. قال ابن القيم في الهدي: وينبيعي أن يعلم أن باب الانتفاع أوسع من باب البيع، فليس كل ما حرم بيعه حرم الانتفاع به، بل لا تلازم بينهما، فلا يؤخذ تحريم الانتفاع من تحريم البيع .. وإنما حرم بيع الأصنام لأنها آلة من آلات الشرك، ويستفاد منه تحريم كل آلة متخذة للشرك، وقاسوا عليه آلات المعازف والغناء، وأما تحريم بيع الخمر فيدخل فيه تحريم بيع كل مسكر، مائعًا كان أو جامدًا، عصيرًا كان أو مطبوخًا. فاشتمل الحديث على تحريم ثلاثة أجناس: مشارب تفسد العقول، ومطاعم تفسد الطباع وتغذي غذاء خبيثا، وأعيان تفسد الأديان، وتدعو إلى الفتنة والشرك. انتهى.