للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(١٢٢٠) وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَعَمْرٌو النَّاقِدُ جَمِيعًا، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ. قَالَ عَمْرٌو: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرٍو، سَمِعَ مُحَمَّدَ بْنَ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ قَالَ: «أَضْلَلْتُ بَعِيرًا لِي، فَذَهَبْتُ أَطْلُبُهُ يَوْمَ عَرَفَةَ، فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاقِفًا مَعَ النَّاسِ بِعَرَفَةَ، فَقُلْتُ: وَاللهِ، إِنَّ هَذَا لَمِنَ الْحُمْسِ، فَمَا شَأْنُهُ هَاهُنَا؟ » وَكَانَتْ قُرَيْشٌ تُعَدُّ مِنَ الْحُمْسِ.

بَابٌ: فِي نَسْخِ التَّحَلُّلِ مِنَ الْإِحْرَامِ وَالْأَمْرِ بِالتَّمَامِ

(١٢٢١) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، وَابْنُ بَشَّارٍ. قَالَ ابْنُ الْمُثَنَّى: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ: «قَدِمْتُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مُنِيخٌ بِالْبَطْحَاءِ، فَقَالَ لِي: أَحَجَجْتَ؟ فَقُلْتُ: نَعَمْ، فَقَالَ: بِمَ أَهْلَلْتَ؟ قَالَ: قُلْتُ: لَبَّيْكَ بِإِهْلَالٍ كَإِهْلَالِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ: فَقَدْ أَحْسَنْتَ، طُفْ بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَأَحِلَّ. قَالَ: فَطُفْتُ بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، ثُمَّ أَتَيْتُ امْرَأَةً مِنْ بَنِي قَيْسٍ فَفَلَتْ رَأْسِي، ثُمَّ أَهْلَلْتُ بِالْحَجِّ، قَالَ: فَكُنْتُ أُفْتِي بِهِ النَّاسَ، حَتَّى كَانَ فِي خِلَافَةِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: يَا أَبَا مُوسَى أَوْ يَا عَبْدَ اللهِ بْنَ قَيْسٍ رُوَيْدَكَ بَعْضَ فُتْيَاكَ؛ فَإِنَّكَ لَا تَدْرِي مَا أَحْدَثَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ فِي النُّسُكِ بَعْدَكَ، فَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ مَنْ كُنَّا أَفْتَيْنَاهُ فُتْيَا فَلْيَتَّئِدْ، فَإِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَادِمٌ عَلَيْكُمْ، فَبِهِ،


= والوقوف فيها (يقولون لا نفيض إلا من الحرم) لأننا أهل الحرم، وقطينُ اللهِ وسكان بيته.
١٥٣ - قوله: (إن هذا لمن الحمس فما شأنه ههنا؟ ) كان هذا في حجه - صلى الله عليه وسلم - قبل الإسلام أو قبل الهجرة، ولذلك تعجب جبير بن مطعم من وقوفه بعرفة على خلاف عادة الحمس، روى ابن خزيمة وإسحاق بن راهويه في مسنده موصولًا من طريق ابن إسحاق حدثنا عبد الله بن أبي بكر عن عثمان بن أبي سليمان عن عمه نافع بن جبير عن أبيه قال: كانت قريش إنما تدفع من المزدلفة، ويقولون: نحن الحمس فلا نخرج من الحرم، وقد تركوا الموقف بعرفة، قال: فرأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الجاهلية يقف مع الناس بعرفة، على جمل له، ثم يصبح مع قومه بالمزدلفة فيقف معهم، ويدفع إذا دفعوا. ولفظ يونس بن بكير عن ابن إسحاق في المغازي مختصرًا، وفيه: "توفيقا من الله له". وأخرجه إسحاق أيضًا عن الفضل بن موسى عن عثمان بن الأسود عن عطاء أن جبير بن مطعم قال: أضللت حمارًا لي في الجاهلية فوجدته بعرفة، فرأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - واقفا بعرفات مع الناس. فلما أسلمت علمت أن الله وفقه. من الفتح (٣/ ٣٠٦) مع شيء من التصرف.
١٥٤ - قوله: (وهو منيخ) من أنخت الإبل فاستناخ أي أبركته فبرك، يريد أنه نازل (بالبطحاء) وهي ما بين مقبرة المعلاة إلى المسجد الحرام (أحججت؟ ) أي أردت الحج (بم أهللت؟ ) أي أحرمت البيك بإهلال كإهلال النبي - صلى الله عليه وسلم -) فيه جواز تعليق الإحرام على إحرام غيره، وقد تقدم (وأحل) أي تحلل من إحرامك بالحلق أو التقصير، أمره بذلك لأنه لم يكن ساق معه الهدي (ثم أتيت امرأة من بني قيس) وكانت محرمًا له، أو كانت زوجته (ففلت رأسي) أي قلبت شعر رأسي للتفتيش عن القمل واستخراجه، وهو من جملة أعمال الحلال، ولا يجوز للمحرم (ثم أهللت بالحج) فصرت متمتعًا (رويدك بعض فتياك) أي تمهل وأمسك عن بعض فتواك، فلا تفت به (ما أحدث أمير المؤمنين) عمر، أي اخترع وجاء بشيء جديد، وكان هذا الاختراع هو النهي عن التمتع. ولم يكن على سبيل التشريع، وإنما كان على سبيل التدبير حتى لا يقع الناس في محظور، أو كان اجتهادًا منه، ولم يقبله الصحابة ولا الأمة (فليتئد) بلام الأمر، افتعال من التؤدة، أي فليتمهل وليتوقف عن العمل به (فبه فائتموا) أي فبه اقتدوا، واتبعوا أمره (فإن كتاب الله يأمر بالتمام) في قوله: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة: ١٩٦] وظاهره أن لا يحل حتى يتمهما جميعًا (وإن نأخذ بسنة رسول الله ... إلخ) كأن عمر رأى أن الذين حلوا بعد العمرة عام حجة الوداع فإن حلهم كان مختصًّا بهم في ذلك العام.

<<  <  ج: ص:  >  >>