للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(١٥٩٨) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ، وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، وَعُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالُوا: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، أَخْبَرَنَا أَبُو الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: «لَعَنَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آكِلَ الرِّبَا وَمُؤْكِلَهُ، وَكَاتِبَهُ وَشَاهِدَيْهِ، وَقَالَ: هُمْ سَوَاءٌ».

بَابُ أَخْذِ الْحَلَالِ وَتَرْكِ الشُّبُهَاتِ

(١٥٩٩) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ نُمَيْرٍ الْهَمْدَانِيُّ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: «سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ (وَأَهْوَى النُّعْمَانُ بِإِصْبَعَيْهِ إِلَى أُذُنَيْهِ): إِنَّ الْحَلَالَ بَيِّنٌ وَإِنَّ الْحَرَامَ بَيِّنٌ، وَبَيْنَهُمَا مُشْتَبِهَاتٌ لَا يَعْلَمُهُنَّ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، فَمَنِ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ، وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ وَقَعَ فِي الْحَرَامِ، كَالرَّاعِي يَرْعَى

حَوْلَ الْحِمَى يُوشِكُ أَنْ يَرْتَعَ فِيهِ، أَلَا وَإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى، أَلَا وَإِنَّ حِمَى اللهِ مَحَارِمُهُ، أَلَا وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً، إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، أَلَا وَهِيَ الْقَلْبُ.»

(٠٠٠) وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ. (ح) وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ قَالَا: حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ بِهَذَا الْإِسْنَادِ مِثْلَهُ.

(٠٠٠) وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مُطَرِّفٍ وَأَبِي فَرْوَةَ الْهَمْدَانِيِّ. (ح)


= وجدته في كتاب الله (فأنتم أعلم به) فيه إقرار الصغير للكبير بفضل التقدم والعلم، وإنما قال له ذلك لأن أبا سعيد وأنظاره كانوا أسن منه وأكثر ملازمة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - (وأما كتاب الله فلا أعلمه) أي لا أعلم هذا الحكم فيه. وفي الحديث دليل على أن الأحكام الشرعية لا تطلب إلا من الكتاب والسنة.
١٠٦ - قوله: (هم سواء) أي في الإثم أو في العمل بالحرام وان اختلفت أوزارهم ومقدار ذنب كل واحد منهم عن الآخر.
١٠٧ - قوله: (وأهوى النعمان بإصبعيه إلى أذنيه) أي مدهما إليهما للإشارة باليدين إلى السماع مع ذكر ذلك السماع باللسان، وذلك للتأكيد وبيان قوة اليقين (إن الحلال بين) أي واضح معروف لا يشك فيه أحد، كالحبوب والفواكه وبهيمة الأنعام: لحمها ولبنها وسمنها وغير ذلك، وكذا الحرام مثل الخمر والخنزير والميتة وأمثالها، والقتل والزنا والسرقة والغيبة والنميمة وأمثال ذلك (وبينهما مشتبهات) بصيغة اسم الفاعل، أي اشتبهت بيعيرها فلم يتبين حكمها على التعيين، لأنها اكتسبت الشبه من وجهين متعارضين (لا يعلمهن) أي لا يعلم حكمهن. وعند الترمذي بلفظ "لا يدري كثير من الناس أمن الحلال هي أم من الحرام". (فمن اتقى الشبهات) بضمتين جمع شبهة، أي تحذر منها (استبرأ لدينه وعرضه) بالهمز، استفعل من البراءة، أي برأ دينه من النقص وعرضه من الطعن فيه، ومفهومه أن من لم يتوق الشبهة في كسبه ومعاشه فقد عرض نفسه للطعن فيه (ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام) أي يقع فيه تدريجًا (الحمى) بالكسر والقصر، هو ما يحميه السلطان من المراعي لدوابه ومواشيه، وكان ملوك العرب يحمون أماكن مختصة يتوعدون من يرعى فيها بغير إذنهم بالعقوبة الشديدة، فكان الرعاة يبتعدون عنها كثيرًا جدًّا، حتى لا تقع مواشيهم فيها بغير اختيارهم فيتعرضوا للعقاب، وكان ذلك معروفًا في العرب، فمثل لهم النبي - صلى الله عليه وسلم - بذلك (ألا وإن حمى الله محارمه) وهي المعاصي التي حرمها الله، فمن دخله بارتكابه شيئًا من ذلك استحق العقوبة، فالأحوط أن لا يقربه أحد حتى لا يقع فيه (مضغة) بالضم، أي قطعة لحم قدر ما يمضغ، وإنما نيط صلاح وفساد سائر الأعضاء بصلاح القلب وفساده لأن القلب أمير البدن، وهو الذي يبعث بقية الأعضاء على الخير والشر، وفي السياق إشارة إلى أن لطيب الكسب أثرًا في صلاح القلب. قال النووي: أجمع العلماء على عظم موقع هذا الحديث، وكثرة فوائده =

<<  <  ج: ص:  >  >>