٧ - قوله: (يسرق البيضة ... إلخ) يريد أن السارق يعرض يده للقطع على الشيء الحقير التافه الذي لا يحصل له به غنى، مثل البيضة والحبل، فكأنه تعجيز له وتضعيف لاختياره، لكونه باع يده بقليل الثمن، ففيه مبالغة في الذم، وتنبيه على عظم ما خسر، وحقارة ما حصل. وحيث إن قيمة البيضة أو الحبل لا تبلغ إلى حد نصاب القطع فيكون المراد من قوله - صلى الله عليه وسلم - هذا أن سرقة الشيء الشير الذي لا قيمة له كالبيضة والحبل إذا تعاطاه السارق واستمرت به العادة لم ييأس أن يؤديه ذلك إلى سرقة ما فوقه حتى يبلغ قدر ما تقطع فيه اليد فتقطع يده، فكأنه يقول فليحذر الرجل هذا الفعل قبل أن تفضيه العادة إلى سوء مغبته ووخيم عاقبته. وقيل: إن المراد بالبيضة في هذا الحديث بيضة الحديد أي الخوذة التي تجعل في الرأس في الحرب، وأن المراد بالحبل حبل السفينة، وهما مع كونهما من توافه الأشياء يبلغ قيمة كل منهما إلى حد النصاب، فيكون المقصود التنبيه على كبر الخسارة في مقابلة سرقة الأشياء التافهة. والله أعلم. ٨ - قوله: (أهمهم) أي أوقعهم في الهم (شأن المرأة) أي أمرها المتعلق بالسرقة، واسم هذه المرأة على الصحيح فاطمة بنت الأسود بن عبد الأسد بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم. وهي بنت أخي أبي سلمة بن عبد الأسد الصحابي الجليل الذي كان زوج أم سلمة قبل النبي - صلى الله عليه وسلم -. قتل أبوها كافرًا يوم بدر، قتله حمزة بن عبد المطلب، ووهم من زعم أن له صحبة (من يكلم فيها) أي يشفع أن لا تقطع يدها إما عفوًا وإما فداء، ويدل على الثاني ما رواه ابن ماجه والحاكم من حديث مسعود بن الأسود، ففيه: "فجئنا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقلنا: نحن نفديها بأربعين أوقية. فقال: تطهر، خير لها" الحديث (ومن يجترئ عليه) افتعال من الجرأة، أي من يتجاسر عليه - صلى الله عليه وسلم -، وذلك لأجل مهابته (حب) بكسر الحاء بمعنى محبوب (إنما هلك الذين قبلكم) في رواية سفيان عند النسائي: "إنما هلك بنو إسرائيل".