١٤٨ - قوله: (فيما يبعث من البعوث) يريد السرايا (تسع غزوات) أراد بالغزوات هنا السرايا، والفرق بين الغزوات والسرايا اصطلاح أهل السير، وإطلاق الغزوات على السرايا في هذا الحديث جاء على أصل اللغة. (غزوة ذات الرقاع) غزوة قصد فيها رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بني محارب بن خصفة وبني ثعلبة بن سعد من غطفان - وكلتا القبيلتين من قيس عيلان بن مضر - فتوغل في بلادهم حتى وصل إلى موضع يقال له نخل، على بعد يومين من المدينة، فلقي جمعًا من غطفان، فتقاربوا وأخاف بعضهم بعضًا، ولم يقع القتال، وصلى صلاة الخوف، واختلف أهل المغازي في زمن هذه الغزوة، فقال عامتهم إنها في السنة الرابعة، وقيل: غيرها، ومال البخاري إلى أنَّها بعد خيبر، واستدل عليه بحضور أبي هريرة وأبي موسى الأشعري رضي الله عنهما فيها، لأنهما لَمْ يصلا إلى النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَّا بعد فتح خيبر. ١٤٩ - قوله: (ونحن ستة نفر بيننا بعير نعتقبه) المراد أن بعيرًا واحدًا كان بين ستة منهم، وليس المراد أن جملة من حضر هذه الغزوة كانوا ستة فقط كما توهم البعض، ومعنى "نعتقبه" نركبه عقبة عقبة، وهو أن يركب هذا قليلًا ثم ينزل، فيركب الآخر بالنوبة، حتى يأتي على سائرهم (فنقبت أقدامنا) بفتح النون وكسر القاف، أي رقت أو قرحت (الخرق) بكسر ففتح جمع خرقة، وهي قطعة الثوب (ذات الرقاع) جمع رقعة، وهي قطعة الثوب وغيره، وهذا أصح ما روي في سبب التسمية، وقيل: كانت تلك الأرض ذات ألوان تشبه الرقاع، وقيل: كان هناك جبل فيه سواد وبياض وحمرة، وقيل: كان هناك شجر يسمى بذاع الرقاع، وقيل: بل سميت بذلك لأنهم رقعوا فيها راياتهم (ثم كره ذلك) لما خاف من تزكية نفسه (كأنه كره أن يكون شيئًا من عمله أفشاه) أي أظهره، لأنَّ كتمان العمل الصالح أفضل من إظهاره إلَّا لمصلحة راجحة.