٦٥ - قوله: (إن الله طيب) قدوس منزه عن النقائص جامع لصفات الكمال (ثم ذكر الرجل) أي ثم ذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - حال الرجل (يطيل السفر، أشعث أغبر، يمد يديه إلى السماء، يا رب، يا رب) أشعث: من تفرق شعر رأسه وانتشر، وأكبر: من علا رأسه أو جسده الغبار، يريد أنه اجتمع فيه كل الأسباب الظاهرة التي تقتضي استجابة دعائه، فدعاء المسافر مستجاب، والشعث والغبر من غاية أحوال التواضع والاستكانة المقتضية لاستجابة الدعاء، وإذا مد العبد يديه يستحي ربه أن يردهما صفرا، وقوله: يا رب يا رب: نداء المضطر والملتجىء، والله يجيب المضطر، فاجتمع في هذا العبد كل الأسباب المقتضية لاستجابة الدعاء، ولكن لا يستجيب الله دعاء هذا العبد مع كل ذلك لكون مطعمه حرامًا ... إلخ. وبهذا يعرف عظم حرمة الكسب الحرام والأكل الحرام، لأن الدعاء لا يقيل ممن يأكل الحرام ويلبسه مع وجود كل مقتضيات القبول فيه، وقوله: (غذي بالحرام) بضم الغين وكسر الذال المخففة، بالبناء للمفعول، أي أطعم بالحرام. وفيه دليل على أنه لا يجوز الأكل من الحرام وإن كان من كسب غيره، بل يدل على أزيد من ذلك، وهو أن الرجل لو أطعم بالحرام - ولو لم يشعر أو يعرف - فإنه يؤثر في فساده.