للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْحَرْبُ خَدْعَةٌ».

(١٧٤٠) وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَهْمٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْحَرْبُ خَدْعَةٌ».

بَابُ كَرَاهَةِ تَمَنِّي لِقَاءِ الْعَدُوِّ وَالْأَمْرِ بِالصَّبْرِ عِنْدَ اللِّقَاءِ

(١٧٤١) حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْحُلْوَانِيُّ، وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ، عَنِ الْمُغِيرَةِ (وَهُوَ ابْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحِزَامِيُّ)، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا تَمَنَّوْا لِقَاءَ الْعَدُوِّ، فَإِذَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاصْبِرُوا».

(١٧٤٢) وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، عَنْ أَبِي النَّضْرِ «عَنْ كِتَابِ رَجُلٍ مِنْ أَسْلَمَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَالُ لَهُ: عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي أَوْفَى، فَكَتَبَ إِلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ حِينَ سَارَ إِلَى الْحَرُورِيَّةِ يُخْبِرُهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ فِي بَعْضِ أَيَّامِهِ الَّتِي لَقِيَ فِيهَا الْعَدُوَّ، يَنْتَظِرُ حَتَّى إِذَا مَالَتِ الشَّمْسُ قَامَ فِيهِمْ فَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، لَا تَتَمَنَّوْا لِقَاءَ الْعَدُوِّ، وَاسْأَلُوا اللهَ الْعَافِيَةَ، فَإِذَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاصْبِرُوا، وَاعْلَمُوا أَنَّ الْجَنَّةَ تَحْتَ ظِلَالِ السُّيُوفِ. ثُمَّ قَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ: اللَّهُمَّ مُنْزِلَ الْكِتَابِ، وَمُجْرِيَ السَّحَابِ، وَهَازِمَ الْأَحْزَابِ، اهْزِمْهُمْ وَانْصُرْنَا عَلَيْهِمْ.»


= العدو بمجرد الشجاعة والبطولة، بل يحتاج مع ذلك إلى استعمال قدر كبير من الحكمة والتدبير يوقعان العدو في الغرة حتى يباغت بما لا يظن، ويؤخذ من حيث لا يشعر.
١٩ - قوله: (لا تمنوا) بحذف إحدى التائين، وأصله لا تتمنوا (لقاء العدو) فإن اللقاء لا يخلو عن الضرر والجراحات، ولو مع النصر والغلبة "فسلوا الله العافية" كما في الحديث التالي، وذلك أن يلقي الله في قلوب عدوكم الرعب، فينهزم بدون قتال. وإنما أمرهم بذلك لأنَّ المرء لا يدري ما يؤول إليه الأمر، ولأن التمني ينبىء عن الإعجاب بالنفس، والاتكال على القوة، وقلة المبالاة بالعدو، وهي أمور مباينة للاحتياط، غير محمودة شرعًا. قال الحافظ: أخرج سعيد بن منصور من طريق يحيى بن أبي كثير مرسلًا: "لا تمنوا لقاء العدو، فإنكم لا تدرون عسى أن تبتلوا بهم" اهـ. وليس معنى النهي عن هذا التمني النهي عن الجهاد أو الاستعداد له، فإنه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال ذلك وهو مواجه للعدو، وقد حضهم على كامل الاستعداد والقتال بقوله: "فإذا لقيتموهم فاصبروا".
٢٠ - قوله: (حين سار إلى الحرورية) أي لقتالهم، وهم الخوارج، سموا بالحرورية - بفتح الحاء - لأنهم أول ما فارقوا عليًّا بعد مرجعهم من صفين اجتمعوا بقرية حروراء قريبًا من الكوفة، ولم يدخلوا الكوفة مع علي رضي الله عنه (حتى إذا مالت الشمس قام فيهم) لأحمد "أنه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يحب أن ينهض إلى عدوه عند زوال الشمس"، وللبخاري في الجزية من حديث النعمان بن مقرن "كان إذا لَمْ يقاتل أول النهار انتظر حتى تهب الأرواح وتحضر الصلوات"، وأخرجه أحمد وأبو داود والترمذي وابن حبان من وجه آخر، وصححاه، وفي روايتهم "حتى تزول الشمس، وتهب الأرواح، وينزل النصر". (واعلموا أن الجَنَّة تحت ظلال السيوف) كلام بديع بليغ، يفيد الحض على الجهاد، والإخبار بالثواب عليه، والحث على مقاربة العدو بحيث تصير السيوف تظلل المتقاتلين (اللهم منزل الكتاب) المبين للحق والداعي إلى صراطك المستقيم (ومجري السحاب) النازل بالمطر والخير، والدال على قدرتك وتصرفك في كلّ شيء (وهازم الأحزاب) التي تجمعت ضد الحق، فيما سبق.

<<  <  ج: ص:  >  >>