٢٦ - قوله: (سهلة بنت سهيل) امرأة أبي حذيفة، أسلمت قديمًا، وهاجرت معه إلى الحبشة (إني أرى في وجه أبي حذيفة) أي الكراهية (من دخول سالم) وكان أبو حذيفة قد تبنى سالمًا واتخذه حليفًا، فكان يقال له سالم بن أبي حذيفة. وكان المتبنى بمنزلة الولد الحقيقي في كلّ شيء، فلما أبطل الله التبني قيل له سالم مولى أبي حذيفة. وصار المتبنى أجنبيًّا، ولم يبق له شيء من حقوق الابن وحرمته، فلذلك كان أبو حذيفة يكره دخول سالم على امرأته (أرضعيه ... إلخ) قال القاضي: لعلها حلبته، ثم شربه من غير أن يمس ثديها ولا التقت بشرتاهما. ذكر ذلك عنه النووي، وفي سنن أبي داود "فأرضعته خمس رضعات، فكان بمنزلة ولدها". وهذا يؤيد ما ذهب إليه الشافعي من اعتبار خمس رضعات معلومات. والحديث يدلُّ على ثبوت حرمة رضاع الكبير، وبه قالت عائشة، ونصره ابن حزم، لكنه معارض بحديث أم سلمة مرفوعًا "لا يحرم من الرضاع إلَّا ما فتق الأمعاء، وكان قبل الفطام" رواه الترمذي والحاكم، وبحديث ابن عباس "لا رضاع إلَّا في الحولين" رواه الدارقطني وغيره، فإن هذين الحديثين نص في أن الرضاع يحرم في الحولين لا بعده، فأخذ الجمهور بهذين الحديثين وما في معناهما، وأجابوا عن قصة سالم بأنها خاصة به، فلا يتعدى حكمها إلى غيره، وقال الإمام ابن تيمية: إنه يعتبر الصغر في الرضاعة إلَّا إذا دعت إليه الحاجة، كرضاع الكبير الذي لا يستغنى عن دخوله على المرأة، وشق احتجابها عنه، كحال سالم مع امرأة أبي حذيفة. فمثل هذا الكبير إذا أرضعته للحاجة أثر رضاعه، وأما من عداه فلابد من الصغر. انتهى، ذكر ذلك عنه صاحب السبل. ٢٨ - قوله: (قال: فمكثت سنة) أي قال ابن أبي مليكة: فمكثت بعد سماع هذا الحديث من القاسم بن محمد =