للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كِتَابُ الطَّهَارَةِ

بَابُ فَضْلِ الْوُضُوءِ

(٢٢٣) حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا حَبَّانُ بْنُ هِلَالٍ، حَدَّثَنَا أَبَانُ، حَدَّثَنَا يَحْيَى أَنَّ زَيْدًا حَدَّثَهُ أَنَّ أَبَا سَلَّامٍ حَدَّثَهُ عَنْ أَبِي مَالِكٍ الْأَشْعَرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الطُّهُورُ شَطْرُ الْإِيمَانِ، وَالْحَمْدُ لِلهِ تَمْلَأُ الْمِيزَانَ، وَسُبْحَانَ اللهِ وَالْحَمْدُ لِلهِ تَمْلَآنِ - أَوْ تَمْلَأُ - مَا بَيْنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، وَالصَّلَاةُ نُورٌ، وَالصَّدَقَةُ بُرْهَانٌ، وَالصَّبْرُ ضِيَاءٌ، وَالْقُرْآنُ حُجَّةٌ لَكَ أَوْ عَلَيْكَ، كُلُّ النَّاسِ يَغْدُو فَبَايِعٌ نَفْسَهُ فَمُعْتِقُهَا أَوْ مُوبِقُهَا».

بَابُ وُجُوبِ الطَّهَارَةِ لِلصَّلَاةِ

(٢٢٤) حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، وَأَبُو كَامِلٍ الْجَحْدَرِيُّ، وَاللَّفْظُ لِسَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: «دَخَلَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ عَلَى ابْنِ عَامِرٍ يَعُودُهُ وَهُوَ مَرِيضٌ، فَقَالَ: أَلَا تَدْعُو اللهَ لِي يَا ابْنَ عُمَرَ، قَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: لَا تُقْبَلُ صَلَاةٌ بِغَيْرِ طُهُورٍ، وَلَا صَدَقَةٌ مِنْ غُلُولٍ»، وَكُنْتَ عَلَى الْبَصْرَةِ.


١ - قوله: (الطهور شطر الإيمان) الطهور هنا بضم الطاء، وهو الفعل الذي هو المصدر، أما إذا فتحت الطاء فإنه يراد به الماء الذي يتطهر به، وأصل الشطر النصف، وأريد به هنا الجزء مطلقًا (وسبحان الله والحمد لله تملآن، أو تملأ ما بين السماوات والأرض). وسبب عظم فضلهما أن سبحان الله تنزيه عن كل النقائص، والحمد لله إثبات لكل الكمالات، فهما مع قلة حرفهما تحيطان بكل صفات الله تعالى (والصلاة نور) يستضيء به المصلي في الدنيا والآخرة (والصدقة برهان) على صدق إيمان صاحبها (والصبر ضياء) أي الصبر على طاعة الله وعن معصية الله، وعلى النوائب وأنواع المكاره في سبيل الحق والصدق، فصاحب هذا الصبر لا يزال مستضيئًا مهتديًا. مستمرًّا على الصواب (والقرآن حجة لك أو عليك) أي إن تلوته وعملت بما فيه فهو حجة لك، وإلا فهو حجة عليك. (كل الناس يغدو) من الغدو، وأصله الخروج في الصباح، ويستعمل لمطلق الخروج والسعي أي يسعى بنفسه (فبائع نفسه) إما لله تعالى، وذلك بطاعته، فهو معتقها من العذاب، وإما للشيطان، وذلك باتباع الهوى، فهو موبقها أي مهلكها.
(٢٢٤) قوله: (على ابن عامر) هو عبد الله بن عامر بن كريز القرشي العبشمي، ولد في حياة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وتفل في فيه، فجعل يبتلع ريق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال "إنه لمسقاء" فكان لا يعالج أرضًا إلا ظهر له الماء، وكان كريمًا ممدحًا ميمون النقيبة، ولاه عثمان بن عفان على البصرة بعد أبي موسى ثم على بلاد فارس، ففتح خراسان كلها وأطراف فارس وسجستان وكرمان وبلاد غزنة، وقتل يزدجرد، ثم أحرم بحجة أو عمرة من تلك البلاد شكرًا لله، وفرق في أهل المدينة أموالًا كثيرة جزيلة، فلما قتل عثمان سار إلى دمشق، ثم ولاه معاوية البصرة بعد صلحه مع الحسن توفي سنة ثمان وخمسين (البداية والنهاية ٨/ ٨٨). قوله: (غلول) بضم الغين: الخيانة، وأصله السرقة من مال الغنيمة وقوله: (وكنت على البصرة) أي كنت واليًا عليها فلست أرجو أنك سالم من الغلول، وأخشى أن تكون قد تعلقت بك تبعات من حقوق الله وحقوق العباد، ولا يقبل الدعاء لمن هذه صفته، وكأن ابن عمر قصد بذلك نصح ابن عامر، وحثه على التوبة والإقلاع عن المخالفات.

<<  <  ج: ص:  >  >>