للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَيْسَ فِي الْعَبْدِ صَدَقَةٌ إِلَّا صَدَقَةُ الْفِطْرِ».

بَابٌ: فِي تَقْدِيمِ الزَّكَاةِ وَمَنْعِهَا

(٩٨٣) وَحَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حَفْصٍ، حَدَّثَنَا وَرْقَاءُ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: «بَعَثَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عُمَرَ عَلَى الصَّدَقَةِ، فَقِيلَ: مَنَعَ ابْنُ جَمِيلٍ، وَخَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ، وَالْعَبَّاسُ عَمُّ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا يَنْقِمُ ابْنُ جَمِيلٍ إِلَّا أَنَّهُ كَانَ فَقِيرًا، فَأَغْنَاهُ اللهُ، وَأَمَّا خَالِدٌ فَإِنَّكُمْ تَظْلِمُونَ خَالِدًا قَدِ احْتَبَسَ أَدْرَاعَهُ، وَأَعْتَادَهُ فِي سَبِيلِ اللهِ، وَأَمَّا الْعَبَّاسُ فَهِيَ عَلَيَّ وَمِثْلُهَا مَعَهَا، ثُمَّ قَالَ: يَا عُمَرُ أَمَا شَعَرْتَ أَنَّ عَمَّ الرَّجُلِ صِنْوُ أَبِيهِ».

بَابُ زَكَاةِ الْفِطْرِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ مِنَ التَّمْرِ، وَالشَّعِيرِ

(٩٨٤) حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبٍ، وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَا: حَدَّثَنَا مَالِكٌ (ح) وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى - وَاللَّفْظُ لَهُ - قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَضَ زَكَاةَ الْفِطْرِ مِنْ رَمَضَانَ عَلَى النَّاسِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ عَلَى كُلِّ حُرٍّ، أَوْ عَبْدٍ ذَكَرٍ، أَوْ أُنْثَى مِنَ الْمُسْلِمِينَ».


= لا تجب صدقة الفطر في عبيد التجارة.
١١ - قوله: (على الصدقة) أي عاملًا على جباية الزكاة المفروضة (فقيل) والقائل هو عمر رضي الله عنه (منع ابن جميل ... إلخ) أي منع هؤلاء إعطاء الزكاة (ما ينقم ابن جميل إلا أنه كان فقيرًا فأغناه الله) أي إنه لا ينكر ولا يجازي بالشر إلا هذا الإحسان، أي إنه يخالف تمامًا لما يوجبه عليه هذا الإحسان من الشكر وتقدير النعمة. وابن جميل - بفتح الجيم وكسر الميم - قيل: كان منافقًا، جاء الإسلام فدخل فيه ظاهرًا، وقد كان فقيرًا، فصار بعد ذلك غنيًّا بفضل ما أفاءه الله على رسوله من الغنيمة والفيء، فمنع الزكاة ثم تاب بعد ذلك. والله أعلم (قد احتبس) أي وقف (أدراعه) جمع درع بالكسر، وهي الزردية (وأعتاده) جمع عتد بفتحتين، وقيل: جمع عتاد، بفتح العين، وهو ما أعده الرجل من السلاح والدواب وآلات الحرب. وقيل: هو الخيل خاصة. وقصة خالد تؤول على وجوه. فقيل: إنهم طالبوه بزكاة أثمان الأعتاد والأدرع ظنًّا منهم أنها للتجارة، فامتنع - فبين لهم النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه وقفها في سبيل الله، ولا زكاة في الوقف. وقيل: إنه - صلى الله عليه وسلم - اعتذر عن خالد بأنه لا يمنع الزكاة إن وجبت، لأنه جعل أعتاده وأدراعه في سبيل الله تبررًا وتبرعًا وتقربًا إليه تعالى، وهو غير واجب عليه، فكيف يتصور فيه أنه يمنع الزكاةء وقيل: إنه أجاز لخالد أن يحتسب ما حبسه في سبيل الله فيما يجب عليه من الزكاة، لأن أحد الأصناف الثمانية سبيل الله وأما قوله - صلى الله عليه وسلم - عن صدقة العباس: (فهي عليّ ومثلها معها) فقيل: معناه أنه أخر عنه زكاة عامين لحاجة بالعباس، وتكفل بها عنه. وقيل: إنه - صلى الله عليه وسلم - تحمل عنه على سبيل البر به والإحسان إليه وتفضيلًا وتشريفًا له لأنه عمه. و (عم الرجل صنو أبيه) أي مثل أبيه - وقيل: إنه - صلى الله عليه وسلم - كان قد استسلف منه قدر صدقة عامين، ويؤيده ما رواه الدارقطني مرسلًا وموصولًا عن طريق موسى بن طلحة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: إنا كنا احتجنا فتعجلنا من العباس صدقة ماله سنتين.
١٢ - قوله: (زكاة الفطر من رمضان) استدل به على أن وقت وجوبها غروب الشمس ليلة الفطر لأنه وقت الفطر من رمضان، وقيل: وقت وجوبها طلوع الفجر من يوم العيد، لأن الليل ليس محلًا للصوم، وإنما يتبين الفطر الحقيقي بالأكل بعد طلوع الفجر، ويظهر أثر الخلاف إذا تزوج الرجل أو ملك عبدًا أو وُلد له ولد أو أسلم قبل غروب الشمس فعليه زكاة الفطر، وإن كان بعد الغروب لم تلزمه على القول الأول، وتلزمه على القول الثاني (صاعا من تمر) تقدم أن الصاع كيلو غرامان ونصف كيلو غرام تقريبًا (من المسلمين) دليل على أن المسلم لا يخرج زكاة الفطر عن عبده الكافر، وبه قال الجمهور، خلافًا لأبي حنيفة. واستدل بعموم الحديث وإطلاقه على وجوب صدقة الفطر على =

<<  <  ج: ص:  >  >>