٩٥ - قوله: (عن ظهر غنى) أي ما كان عفوًا قد فضل عن غنى، والظهر قد يزاد في مثل هذا تمكينا وإشباعًا للكلام، كأن صدقته مستندة إلى ظهر قوي من المال، والمعنى أفضل الصدقة ما أبقت بعدها غنى يعتمده صاحبها، ويستظهر به على مصالحه ونوائبه التي تنويه، لقوله في رواية أخرى: أفضل الصدقة ما ترك غنى. وفي أخرى: خير الصدقة ما أبقت غنى (وابدأ بمن تعول) أي ابتدء في الإنفاق والإعطاء بمن يلزمك نفقته من العيال، فإن فضل شيء فليكن للأجانب. يقال: عال الرجل أهله أي قام بما يحتاجون إليه من قوت وكسوة، وهو أمر بتقديم ما يجب على ما لا يجب، وفيه تقديم نفقة نفسه وعياله، لأنها منحصرة فيه، بخلاف نفقة غيرهم. ٩٦ - قوله: (خضرة) بفتح فكسر، أي طري ناعم، مرغوب فيه غاية الرغبة (حلوة) بضم فسكون، أي لذيذ عند النفس تميل إليه غاية الميل، وقيل: الخضر في العين طيب، والحلو في الفم طيب، لا تمل العين من النظر إلى الخضر، ولا يمل الفم من أكل الحلو، فكذلك النفس حريصة بجمع المال، لا تمل عنه. وكل من الصفتين - الخضر والحلو - مرغوب فيه بانفراده، فالإعجاب بهما إذا اجتمعا أشد، ولعل في تشبيهه بالخضرة إشارة إلى عدم بقائه لأن الخضراوات لا بقاء لها (بطيب نفس) أي بسخاوتها من غير حرص ولا طمع ولا تطلع ولا شره (بإشراف نفس) أي بحرصها وطمعها وتطلعها وشرهها (كالذي يأكل ولا يشبع) وهو من يصاب بمرض يسمى بجوع الكلب، فإنه يأكل ويزداد جوعًا، فلا يجد شبعًا ولا ينجح فيه الطعام. فهذا الآخذ للمال بإشراف النفس يبقى في حيرة الطلب على الدوام، ولا تنقضي شهواته التي لأجلها طلبه. ٩٧ - قوله: (أن تبذل الفضل) أي تنفق وتتصدق ما زاد على قدر حاجتك وحاجة عيالك (وأن تمسكه شر لك) =