للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ: «قَامَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَمِعْنَاهُ يَقُولُ: أَعُوذُ بِاللهِ مِنْكَ. ثُمَّ قَالَ: أَلْعَنُكَ بِلَعْنَةِ اللهِ ثَلَاثًا، وَبَسَطَ يَدَهُ كَأَنَّهُ يَتَنَاوَلُ شَيْئًا. فَلَمَّا فَرَغَ مِنَ الصَّلَاةِ قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ، قَدْ سَمِعْنَاكَ تَقُولُ فِي الصَّلَاةِ شَيْئًا لَمْ نَسْمَعْكَ تَقُولُهُ قَبْلَ ذَلِكَ، وَرَأَيْنَاكَ بَسَطْتَ يَدَكَ. قَالَ: إِنَّ عَدُوَّ اللهِ إِبْلِيسَ جَاءَ بِشِهَابٍ مِنْ نَارٍ لِيَجْعَلَهُ فِي وَجْهِي، فَقُلْتُ: أَعُوذُ بِاللهِ مِنْكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ قُلْتُ: أَلْعَنُكَ بِلَعْنَةِ اللهِ التَّامَّةِ. فَلَمْ يَسْتَأْخِرْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ. ثُمَّ أَرَدْتُ أَخْذَهُ، وَاللهِ لَوْلَا دَعْوَةُ أَخِينَا سُلَيْمَانَ لَأَصْبَحَ مُوثَقًا يَلْعَبُ بِهِ وِلْدَانُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ.»

بَابُ جَوَازِ حَمْلِ الصِّبْيَانِ فِي الصَّلَاةِ

(٥٤٣) حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبٍ، وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَا: حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ (ح) وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى قَالَ: قُلْتُ لِمَالِكٍ: حَدَّثَكَ عَامِرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ سُلَيْمٍ الزُّرَقِيِّ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «كَانَ يُصَلِّي وَهُوَ حَامِلٌ أُمَامَةَ بِنْتَ زَيْنَبَ بِنْتِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلِأَبِي الْعَاصِ بْنِ الرَّبِيعِ، فَإِذَا قَامَ حَمَلَهَا وَإِذَا سَجَدَ وَضَعَهَا»؟ قَالَ يَحْيَى: قَالَ مَالِكٌ: نَعَمْ.

(٠٠٠) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عُمَرَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، وَابْنِ عَجْلَانَ سَمِعَا عَامِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ يُحَدِّثُ عَنْ عَمْرِو بْنِ سُلَيْمٍ الزُّرَقِيِّ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ: «رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَؤُمُّ النَّاسَ وَأُمَامَةُ بِنْتُ أَبِي الْعَاصِ - وَهِيَ ابْنَةُ زَيْنَبَ بِنْتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى عَاتِقِهِ. فَإِذَا رَكَعَ وَضَعَهَا، وَإِذَا رَفَعَ مِنَ السُّجُودِ أَعَادَهَا».


= المخاطبة في الصلاة إذا كانت بمعنى الطلب من الله لا تعد كلامًا، فلا تقطع الصلاة (بشهاب من نار) أي شعلة من نار ساطعة (بلعنة الله التامة) وهي التي لا نقص فيها، أو هي الواجبة له المستحقة عليه، أو الموجبة عليه العذاب سرمدًا (ثلاث مرات) ظرف لقوله "قلت" ويحتمل أن يكون ظرفًا لقوله: "فلم يستأخر" أي فلم يتأخر في ثلاث مرات من اللعنات والتعوذات (فأردت أخذه) أي إلقاء القبض عليه تمامًا، وإلا فإنه - صلى الله عليه وسلم - كان قد أخذه أخذًا تمكن من الخنق والدفع حتى وجد برد لسانه أو لعابه على يده كما في رواية النسائي عن عائشة - رضي الله عنها - (لأصبح موثقًا) أي مربوطًا بسارية من سواري المسجد.
٤١ - قوله: (ولأبي العاص بن الربيع) أي أمامة هذه هي بنت أبي العاص بن الربيع من بطن زينب بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وكان قد تزوجها علي بن أبي طالب بعد فاطمة - رضي الله عنهما - فلما قتل علي، وانقضت عدتها تزوجها المغيرة بن نوفل بن الحارث، فكانت عنده حتى ماتت (فإذا قام حملها وإذا سجد وضعها) وهذا يعني أن الحمل والوضع تكرر مرارًا، والحديث دليل لصحة صلاة من حمل آدميًّا أو حيوانًا طاهرًا، وأن الأفعال إذا تعددت ولم تتوال، بل تفرقت لا تبطل الصلاة، وأنه يجوز حمل الصبي والصبية في الصلاة وذلك من غير فرق بين الفريضة والنافلة والمنفرد والمؤتم والإمام؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - حملها وهو يؤم الناس كما في الرواية الآتية، وكان في صلاة الظهر أو العصر كما في رواية أبي داود، وكان ذلك تشريعًا منه وبيانًا للجواز.
٤٢ - قوله: (فإذا ركع وضعها، وإذا رفع من السجود أعادها) هذا واللفظ الذي في الحديث السابق يصرح بأن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - هو الذي تولى وباشر حملها ووضعها، ويبطل كلّ التأويلات التي تفضي إلى أنَّها كانت تركب وتنزل بنفسها.
٤٤ - قوله: (تماروا) أي اختلفوا وتنازعوا (طرفاء الغابة) الطرفاء - ممدودة - هي شجر الأثل، والغابة لغة: =

<<  <  ج: ص:  >  >>