(كتاب المساقاة والمزارعة) المساقاة هي أن يدفع صاحب النخل نخله إلى الرجل ليعمل بما فيه صلاحها وصلاح ثمرها، ويكون له الشطر من ثمرها، وللعامل الشطر، فيكون من أحد الشقين رقاب الشجر، ومن الشق الآخر العمل، كالمزارعة، قاله الخطابي. وقد قال بجوازها جميع الفقهاء والمحدثين والأئمة. وقال أبو حنيفة لا يجوز، والأحاديث حجة عليه، ثم اختلفوا فيما يجوز عليه المساقاة من الأشجار، فقال داود: يجوز على النخل خاصة. وقال الشافعي: على النخل والعنب خاصة. وقال مالك: يجوز على جميع الأشجار، وهو قول للشافعي، وبه قال الجمهور، وهو الأرجح، لأن سبب الجواز الحاجة والمصلحة، وهذا يشمل جميع الأشجار. ولا يختص بالنخل والعنب. وسيأتي في الأحاديث ما يؤيد هذا. ١٠ - قوله: (بشطر ما يخرج منها) أي بنصفه. والحديث دليل على جواز المزارعة والمخابرة والمساقاة. وفيه رد على أبي حنيفة وأصحابه، وقد تعللوا بأن خيبر فتحت صلحًا، فكانت الأرض ملكهم، وكان يؤخذ منهم نصف الثمر والزرع بحق الجزية، وهذه مغالطة قبيحة، فإن عامة خيبر فتحت عنوة، وقسمت بين الغانمين، وقصد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إجلاء اليهود منها، وكانت الأرض حين ظهر عليها لله ولرسوله وللمسلمين، صرح بذلك في رواية البخاري وغيره، فلما طلبوا منه أن يقرهم بها على أن يعملوا بنصف ما يخرج من زرعها وثمرها قال: نقركم ما أقركم الله، ثم أجلاهم عمر منها، فلو كانت الأرض ملكهم لم يحصل شيء مما تقدم، ولا أجلاهم عمر منها، واستدل بقوله "بشطر ما يخرج منها من ثمر أو زرع" على جواز المساقاة في جميع الشجر والزرع، ويؤيده أن في بعض طرق الحديث "بشطر ما يخرج منها من نخل وشجر"، وفي رواية حماد بن سلمة عن عبيد الله بن عمر "على أن لهم الشطر من كل زرع ونخل وشجر" وهو عند البيهقي من هذا الوجه. ٢ - قوله: (فلما ولي عمر قسم خيبر) يريد أن عمر أجلى اليهود من خيبر، فأعطى لكل شخص من الصحابة =