٤١ - في الحديث تزهيد في الدنيا وأسبابها، وترغيب في الاكتفاء بقدر الحاجة منها، وأن التبسط فيها مما يدعو إليه الشيطان ويرضاه. وأن اتخاذ الفراش ونحوه للضيف ليس مما يعد من ذلك. ٤٢ - قوله: (خيلاء) بضم ففتح ممدودًا، وقد تكسر الخاء، وهو التكبر ينشأ عن فضيلة يتراآها الإنسان من نفسه، ومنه التخيل، وهو تصوير خيال الشيء في النفس، والحديث صريح في تحريم جر الثوب على سبيل التكبر والخيلاء، ومفهومه أنه إذا حصل من غير خيلاء فلا بأس به، وقد روى البخاري في اللباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما قال ذلك "قال أبو بكر: يا رسول الله! إن أحد شقي إزاري يسترخي إلا أن أتعاهد ذلك منه، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: لست ممن يصنعه خيلاء". ثم روى عن أبي بكرة رضي الله عنه قال: "خسفت الشمس ونحن عند النبي - صلى الله عليه وسلم - فقام يجر ثوبه مستعجلًا حتى أتى المسجد". الحديث. وسياق قصة أبي بكر واضح في أن استرخاء إزاره كان يحصل من غير قصد ولا تعمد منه، بل من غير شعور منه، وأنه كان يشعر به بعد حين، وكذلك ما حصل لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - إنما حصل من غير قصد ولا تعمد منه قطعًا. ومعناه أن ما حصل من إسبال الثوب أو انجراره على هذا الطريق فلا بأس به. ولكن يأتي السؤال فيمن يسبل الثوب قصدًا، ويتعمد اختيار لباس يصل إلى ما تحت الكعبين، ثم يصر عليه ويزعم أنه لا يفعل ذلك تكبرًا - كما عم هذا الداء في هذا الزمان وطم - والجواب هو ما رواه أبو داود والنسائي وصححه الحاكم من حديث أبي جُريّ - مصغرًا - قال أثناء حديث مرفوع: "وارفع إزارك إلى نصف الساق، فإن أبيت فإلى الكعبين، وإياك وإسبال الإزار، فإنه من المخيلة، وإن الله لا يحب المخيلة". وقد تبين بهذا أن للإسبال ثلاث أحوال: أن يجره الرجل تكبرًا، وأن يسترخي من غير قصد منه ولا شعور، وأن يسبل قصدًا، ويزعم أنه لا يفعله تكبرًا، فالأول والثالث حرام، والثاني هو المباح.