للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ: مَكَثَتْ ثَلَاثًا حَتَّى غُشِيَ عَلَيْهَا مِنَ الْجَهْدِ، فَقَامَ ابْنٌ لَهَا يُقَالُ لَهُ عُمَارَةُ فَسَقَاهَا، فَجَعَلَتْ تَدْعُو عَلَى سَعْدٍ، فَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي الْقُرْآنِ هَذِهِ الْآيَةَ: {وَوَصَّيْنَا الإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا} {وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي}، وَفِيهَا: {وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا}. قَالَ: وَأَصَابَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَنِيمَةً عَظِيمَةً، فَإِذَا فِيهَا سَيْفٌ فَأَخَذْتُهُ، فَأَتَيْتُ بِهِ الرَّسُولَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ: نَفِّلْنِي هَذَا السَّيْفَ فَأَنَا مَنْ قَدْ عَلِمْتَ حَالَهُ. فَقَالَ: رُدَّهُ مِنْ حَيْثُ أَخَذْتَهُ. فَانْطَلَقْتُ حَتَّى إِذَا أَرَدْتُ أَنْ أُلْقِيَهُ فِي الْقَبْضِ لَامَتْنِي نَفْسِي، فَرَجَعْتُ إِلَيْهِ فَقُلْتُ: أَعْطِنِيهِ! قَالَ: فَشَدَّ لِي صَوْتَهُ رُدَّهُ مِنْ حَيْثُ أَخَذْتَهُ! قَالَ: فَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنْفَالِ}. قَالَ: وَمَرِضْتُ فَأَرْسَلْتُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَتَانِي فَقُلْتُ: دَعْنِي أَقْسِمُ مَالِي حَيْثُ شِئْتُ. قَالَ: فَأَبَى، قُلْتُ: فَالنِّصْفَ. قَالَ: فَأَبَى، قُلْتُ: فَالثُّلُثَ. قَالَ: فَسَكَتَ، فَكَانَ بَعْدُ الثُّلُثُ جَائِزًا. قَالَ: وَأَتَيْتُ عَلَى نَفَرٍ مِنَ الْأَنْصَارِ وَالْمُهَاجِرِينَ فَقَالُوا: تَعَالَ نُطْعِمْكَ وَنَسْقِكَ خَمْرًا - وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ تُحَرَّمَ الْخَمْرُ، قَالَ: فَأَتَيْتُهُمْ فِي حُشٍّ - وَالْحُشُّ الْبُسْتَانُ - فَإِذَا رَأْسُ جَزُورٍ مَشْوِيٌّ عِنْدَهُمْ وَزِقٌّ مِنْ خَمْرٍ. قَالَ: فَأَكَلْتُ وَشَرِبْتُ مَعَهُمْ. قَالَ: فَذَكَرْتُ الْأَنْصَارَ وَالْمُهَاجِرِينَ عِنْدَهُمْ، فَقُلْتُ: الْمُهَاجِرُونَ خَيْرٌ مِنَ الْأَنْصَارِ! قَالَ: فَأَخَذَ رَجُلٌ أَحَدَ لَحْيَيِ الرَّأْسِ فَضَرَبَنِي بِهِ فَجَرَحَ بِأَنْفِي، فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرْتُهُ، فَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ فِيَّ - يَعْنِي نَفْسَهُ شَأْنَ الْخَمْرِ: {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ}».

(٠٠٠) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ «أَنَّهُ قَالَ: أُنْزِلَتْ فِيَّ أَرْبَعُ آيَاتٍ - وَسَاقَ الْحَدِيثَ بِمَعْنَى حَدِيثِ زُهَيْرٍ عَنْ سِمَاكٍ، وَزَادَ

فِي حَدِيثِ شُعْبَةَ قَالَ: فَكَانُوا إِذَا أَرَادُوا أَنْ يُطْعِمُوهَا شَجَرُوا فَاهَا بِعَصًا ثُمَّ أَوْجَرُوهَا. وَفِي حَدِيثِهِ أَيْضًا: فَضَرَبَ بِهِ أَنْفَ سَعْدٍ فَفَزَرَهُ، وَكَانَ أَنْفُ سَعْدٍ مَفْزُورًا».

(٢٤١٣) حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الْمِقْدَامِ بْنِ شُرَيْحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَعْدٍ: «فِيَّ نَزَلَتْ {وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ}، قَالَ:


= طرق وألفاظ مختلفة، وقد تقدم الحديث عند المصنف في كتاب الجهاد. قوله: (زق) بالكسر هو السقاء (لحيى الرأس) أي فكيه، تثنية لحي بالفتح فالسكون، وهو منبت اللحية من الإنسان وغيره.
٤٤ - قوله: (أنزلت فيَّ أربع آيات) وهي المذكورة في الحديث السابق، صرح فيه بثلاث منها، والرابعة تعرض لذكر سببها، ولم يذكر الآية، وهي آية الوصية بالوالدين (فكانوا إذا أرادوا أن يطعموها) أي أم سعد بن أبي وقاص التي كانت امتنعت عن الأكل والشرب حتى يرجع سعد عن دينه (شجروا فاهًا) أي فتحوه (ثم أوجروها) أي أدخلوا الطعام في فمها، وإنما كانوا يفتحونه بعصا لئلا تطبق الفم فلا يصل الطعام إلى الجوف، وبهذا يعرف الشدة التي اختارت على إسلام سعد (ففزره) أي شقه (مفزورًا) أي مشقوقًا.
٤٥ - قوله: (عن سعد في) وفي نسخة: (فيَّ نزلت: ولا تطرد ... إلخ) وذلك أن أشراف قريش من الكفار طلبوا من =

<<  <  ج: ص:  >  >>