للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَجَرٍ، فَانْطَلَقَ الْحَجَرُ يَسْعَى، وَاتَّبَعَهُ بِعَصَاهُ يَضْرِبُهُ: ثَوْبِي حَجَرُ! ثَوْبِي حَجَرُ! حَتَّى وَقَفَ عَلَى مَلَإٍ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَنَزَلَتْ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِنْدَ اللهِ وَجِيهًا}

(٢٣٧٢) وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ عَبْدٌ: أَخْبَرَنَا، وَقَالَ ابْنُ رَافِعٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ

أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: «أُرْسِلَ مَلَكُ الْمَوْتِ إِلَى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَلَمَّا جَاءَهُ صَكَّهُ فَفَقَأَ عَيْنَهُ، فَرَجَعَ إِلَى رَبِّهِ فَقَالَ: أَرْسَلْتَنِي إِلَى عَبْدٍ لَا يُرِيدُ الْمَوْتَ! قَالَ: فَرَدَّ اللهُ إِلَيْهِ عَيْنَهُ وَقَالَ: ارْجِعْ إِلَيْهِ فَقُلْ لَهُ: يَضَعُ يَدَهُ عَلَى مَتْنِ ثَوْرٍ، فَلَهُ بِمَا غَطَّتْ يَدُهُ بِكُلِّ شَعَرَةٍ سَنَةٌ. قَالَ: أَيْ رَبِّ، ثُمَّ مَهْ؟ قَالَ: ثُمَّ الْمَوْتُ. قَالَ: فَالْآنَ. فَسَأَلَ اللهَ أَنْ يُدْنِيَهُ مِنَ الْأَرْضِ الْمُقَدَّسَةِ رَمْيَةً بِحَجَرٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَلَوْ كُنْتُ ثَمَّ لَأَرَيْتُكُمْ قَبْرَهُ إِلَى جَانِبِ الطَّرِيقِ تَحْتَ الْكَثِيبِ الْأَحْمَرِ».

(٠٠٠) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ قَالَ: هَذَا مَا حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَذَكَرَ أَحَادِيثَ، مِنْهَا: وَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «جَاءَ مَلَكُ الْمَوْتِ إِلَى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ فَقَالَ لَهُ: أَجِبْ رَبَّكَ. قَالَ: فَلَطَمَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ عَيْنَ مَلَكِ الْمَوْتِ فَفَقَأَهَا، قَالَ: فَرَجَعَ الْمَلَكُ إِلَى اللهِ تَعَالَى فَقَالَ: إِنَّكَ أَرْسَلْتَنِي إِلَى عَبْدٍ لَكَ لَا يُرِيدُ الْمَوْتَ وَقَدْ فَقَأَ عَيْنِي! قَالَ: فَرَدَّ اللهُ إِلَيْهِ عَيْنَهُ وَقَالَ: ارْجِعْ إِلَى عَبْدِي فَقُلِ: الْحَيَاةَ تُرِيدُ؟ فَإِنْ كُنْتَ تُرِيدُ الْحَيَاةَ فَضَعْ يَدَكَ عَلَى مَتْنِ ثَوْرٍ، فَمَا تَوَارَتْ يَدُكَ مِنْ شَعَرَةٍ، فَإِنَّكَ تَعِيشُ بِهَا سَنَةً. قَالَ: ثُمَّ مَهْ؟ قَالَ:


١٥٧ - قوله: (صكه) أي ضربه موسى على عينه (ففقأ عينه) أي بخقها وعورها. وفي رواية عمار بن أبي عمار عند أحمد والطبري أن ملك الموت حين رجع إلى الله "فقال: يا رب! عبدك موسى فقأ عيني، ولولا كرامته عليك لشققت عليه" (على متن) بفتح فسكون، هو الظهر، وقيل: مكتنف الصلب بين العصب واللحم (ثم مه؟ ) أي ثم ماذا؟ والهاء فيه هاء السكت، وهي تكون ساكنة (أن يدنيه) أي يقربه (من الأرض المقدسة) هي أرض فلسطين. قال الله تعالى وهو يحكي قول موسى لبني إسرائيل: {يَاقَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ} [المائدة: ٢١] (رمية بحجر) أي يكون بعد ما بينه وبين الأرض المقدسة بقدر رمية الحجر، أي بحيث لو رمي حجر لوصل إلى الأرض المقدسة. وقيل: بل المعنى أدنني إليها من مكاني هذا إلى مكان يكون بقدر رمية الحجر من هنا، ولا استبعاد في الجمع بين المعنيين، إذ يمكن أنه كان عند الموت على بعد رميتين. (إلى جانب الطريق) هو طريق القوافل، كان يمر من أرض الأردن قريبًا من حدود فلسطين (تحت الكثيب الأحمر) الكثيب: الرمل أو التراب المجتمع مثل التل، يقال: إن هذا الكثيب قريب من أريحا، وأريحا من الأرض المقدسة. وقد أفاد الحديث أن موسى عليه السلام مات ودفن خارج الأرض المقدسة، أي خارج أرض فلسطين، وهو مطابق لما جاء عند أهل الكتاب، وقد وهم بعض الشراح فظن أن المراد بالأرض المقدسة بيت المقدس، وأن مطلوبه كان القرب من الأنبياء الذين دفنوا ببيت المقدس. والوهم فيه من وجهين: الأول أن بيت المقدس من صميم الأرض المقدسة، وفي وسطها تقريبًا، فلا يكون الدنو منه دنوا من الأرض المقدسة، بل يكون دخولًا فيها دخولًا بينًا. الثاني أن الأنبياء الذين دفنوا في بيت المقدس إنما دفنوا بعد موسى عليه السلام بزمان، ولم تكن فيه عند موت موسى عليه السلام قبور الأنبياء. وكذلك الشرف الذي حصل لبيت المقدس إنما حصل بعد موسى في زمن داود وسليمان عليهم السلام.
١٥٨ - قوله: (أجب ربك) أي انتقل من الدنيا إلى ربك بالموت (فما توارت) أي سترت وحجبت.

<<  <  ج: ص:  >  >>