للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عُمَرَ، عَنِ الْحَكَمِ بْنِ الْأَعْرَجِ قَالَ: «انْتَهَيْتُ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا وَهُوَ مُتَوَسِّدٌ رِدَاءَهُ فِي زَمْزَمَ فَقُلْتُ لَهُ: أَخْبِرْنِي عَنْ صَوْمِ عَاشُورَاءَ؟ فَقَالَ: إِذَا رَأَيْتَ هِلَالَ الْمُحَرَّمِ فَاعْدُدْ، وَأَصْبِحْ يَوْمَ التَّاسِعِ صَائِمًا، قُلْتُ: هَكَذَا كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُومُهُ قَالَ: نَعَمْ».

(٠٠٠) وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمْرٍو، حَدَّثَنِي الْحَكَمُ بْنُ الْأَعْرَجِ قَالَ: «سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا وَهُوَ مُتَوَسِّدٌ رِدَاءَهُ عِنْدَ زَمْزَمَ عَنْ صَوْمِ عَاشُورَاءَ» بِمِثْلِ حَدِيثِ حَاجِبِ بْنِ عُمَرَ.

(١١٣٤) وَحَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْحُلْوَانِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ أُمَيَّةَ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا غَطَفَانَ بْنَ طَرِيفٍ الْمُرِّيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا يَقُولُ: «حِينَ صَامَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ، وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّهُ يَوْمٌ تُعَظِّمُهُ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَإِذَا كَانَ الْعَامُ الْمُقْبِلُ إِنْ شَاءَ اللهُ صُمْنَا الْيَوْمَ التَّاسِعَ، قَالَ: فَلَمْ يَأْتِ الْعَامُ الْمُقْبِلُ حَتَّى تُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ».


= هذا الأخذ غير جيد بل غير صحيح، وأن الذي أراده ابن عباس من قوله هذا هو التنبيه على أن من أراد صوم عاشوراء ابتدأ من يوم التاسع، ولا ينبغي أن يقتصر على صوم العاشر فقط، ففي رواية الترمذي والبيهقي: "ثم أصبح من يوم التاسع صائمًا". وقد ورد عن ابن عباس ما يشهد لهذا المعنى، فقد روى الطحاوي والبيهقي عنه قال: خالفوا اليهود، وصوموا التاسع والعاشر، فهذا يبين مراد ابن عباس من رواية مسلم هذه، وإلى هذا الجواب نحا البيهقي حيث قال بعد رواية حديث الحكم بن الأعرج هذا (٤/ ٢٨٧): وكأن ابن عباس رضي الله عنهما أراد صوم التاسع مع العاشر، وأراد بقوله في الجواب "نعم" ما روى من عزمه - صلى الله عليه وسلم - على صومه، والذي يبين هذا ما روينا من طريق عبد الرزاق عن ابن جريج عن عطاء أنه سمع ابن عباس يقول: صوموا التاسع والعاشر، وخالفوا اليهود. وما روينا من طريق سفيان عن ابن أبي ليلى عن داود بن علي عن أبيه عن جده ابن عباس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: لئن بقيت لآمرن بصيام يوم قبله أو يوم بعده، يوم عاشوراء. وما روينا من طريق هشيم عن ابن أبي ليلى عن داود بن علي عن أبيه عن جده ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: صوموا يوم عاشوراء، وخالفوا اليهود، صوموا قبله يومًا أو بعده يومًا. انتهى ملخصًا. وقال الشوكاني: الأولى أن يقال إن ابن عباس أرشد السائل له إلى اليوم الذي يصام فيه، وهو اليوم التاسع، ولم يجب عليه بتعيين يوم عاشوراء أنه اليوم العاشر، لأن ذلك مما لا يسئل عنه، ولا يتعلق بالسؤال عنه فائدة. فابن عباس لما فهم من السائل أن مقصوده تعيين اليوم الذي يصام فيه أجاب عليه بأنه التاسع. وقوله: "نعم" بعد قول السائل: "أهكذا كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصوم" بمعنى نعم، هكذا يصوم لو بقي، لأنه قد أخبرنا بذلك. ولابد من هذا لأنه - صلى الله عليه وسلم - مات قبل صوم التاسع. انتهى. وقال ابن القيم في الهدي: لم يجعل ابن عباس عاشوراء هو اليوم التاسع، بل قال للسائل: صم اليوم التاسع، واكتفى بمعرفة السائل أن يوم عاشوراء هو اليوم العاشر الذي يعده الناس كلهم يوم عاشوراء، فأرشد السائل إلى صيام التاسع معه، وأخبر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يصومه كذلك، بأن يكون حمل فعله على الأمر، وعزمه عليه في المستقبل، ويدل على ذلك أنه هو الذي روى "صوموا يومًا قبله ويومًا بعده" وهو الذي روى: أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بصيام يوم عاشوراء يوم العاشر. وكل هذه الآثار يصدق بعضها بعضًا، ويؤيد بعضها بعضًا. انتهى.
١٣٣ - قولهم: (إنه يوم تعظمه اليهود والنصارى) أي وقد أمرنا بمخالفتهم، فكيف توافقهم على تعظيمه بالصوم فيه؟ وقد استشكل ذكر النصارى بأن التعليل بنجاة موسى وغرق فرعون يختص بموسى واليهود، وأجيب باحتمال أن يكون عيسى عليه السلام كان يصوم، وبأن أكثر الأحكام الفرعية إنما تتلقاها النصارى من التوراة، ويظهر من السياق أن هذا السؤال إنما ورد من بعض الصحابة حين صام النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم عاشوراء في أواخر عمره في السنة الحادية عشرة =

<<  <  ج: ص:  >  >>